للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأدباء الذين يقطنون ذلك الحي، فكان يجلس فيه المرحوم حسين باشا رشدي، والمرحوم شوقي بك قبل أن ينتقل إلى المطرية، وحفني ناصف، وإبراهيم هلال، وحافظ إبراهيم، والشيخ عبد المطلب، وأحمد نسيم، واحمد الزين، وبيرم، والهراوي، وعماد، والسيد حسن القاياتى، وكان يتردد عليه المازني أيام كان يسكن بالإمام؛ وقد أخبرني الهراوي أنه لا يذكر أدبياً في مصر لم يتصل تاريخه بذلك النادي القديم، وإنه ليتحدى من ينكر الجميل على أصحابه، وإنه على استعداد لأن يذكر من لا يذكر ماضيه!

وقد ظل ذلك النادي قائماً أيام الثورة المصرية، فانتقل إليه الشيخ مصطفى القاياتي رحمه الله، وكان الشيخ القاياتي عنصراً قوياً من عناصر الثورة، وكانت له حاشية حافلة بالشباب المفكر الجريء أمثال الشيخ عباس الجمل، والشيخ الجديلي، والشيخ البنا، والأستاذ إبراهيم عبد الهادي، وإضرابهم، فاختلط الأدب بالسياسة بين جدران النادي، فكانت تنطلق منه التدابير المفزعة والقوافي المقذعة، فضاق به الإنجليز، وأطلقوا عليه الرصاص؛ وللهراوي في ذلك شعر. . .

فلما كان سنة ١٩٢٦ مات صاحب المقهى، فانفض السامر، وانقطع الزائر، وبطل الندى الحافل، وقام مكانه مطعم للفول ومستخرجاته، والعدس بجميع ألوانه؛ وراح الأدباء يتلمسون المكان الذي يجمعهم، فتأخروا خطوات عن جامع قوصون إلى جهة القلعة فوقعوا على النادي الذي هو مجمعهم اليوم والذي هو موضوع حديثاً في ذلك المقال

ولقد غدا النادي الجديد صورة كاملة للنادي القديم، فحفل بالأدباء والشعراء، وعمرت مقاعده بمجالسهم في الليل والنهار، وقصده الكبار في الأدب والصغار!

فكان يجلس فيه الشيخ عبد المطلب شاعر البادية، والحاج محمد الهراوي شاعر الأطفال والرجال، والأسمر أديب القبلتين وشاعر الأزهر، والزين شاعر دار الكتب، وحسين شفيق المصري الشاعر الحلمنتيشي المعروف، والدكتور زكي مبارك عبقري سنتريس ومعبود باريس، والسيد حسن القاياتي شاعر النبل والورع، و (مجنون) إحسان. وكان ينضم إليهم كثير من شباب الأزهر ودار العلوم وغيرهم ممن يشدون بالأدب ويعملون في الصحافة؛ وكان حافظ رحمه الله يتردد عليهم من وقت لآخر خصوصاً في الفترة التي أحيل فيها على المعاش؛ وبين جدران ذلك النادي نظم قصيدته الطويلة في هجاء صدقي باشا التي لم ينشر

<<  <  ج:
ص:  >  >>