تقسيم ميناء الساعة أما دورة الأرض حول الشمس التي يتكون منها السنة والفصول فتحوي ٣٦٥ يومياً وسدس اليوم تقريباً، وهذا العدد ليس اختيارياً كعدد الساعات في اليوم، وإنما هو حدث طبيعي لا نستطيع تغييره؛ فقد لوحظ أنه بمرور كل عام أي بإتمام كل دورة للأرض حول الشمس يتكون هذا العدد من الليل والنهار أما فترة الحياة للإنسان فهي تختلف لكل فرد، فليس من الميسور لنا أن نعين الذين ستنتهي حياتهم هذا الأسبوع من أهل القاهرة وإن كنا نعرف من مجموع القاهرين أنه يولد في الأسبوع القادم حوالي التسعمائة ويموت حوالي الخمسمائة. . .
ونحن أكثر إحساساً بالزمن منا للحيز، فإن الزمن يتغلغل في مشاعرنا، وفترة من الزمن أقرب لإحساسنا من مسافة في الفراغ. وقد يخطئ المرء في تقدير أو مقارنة مسافتين ولكنه لا يخطئ في إدراك وترتيب حادثين، فإذا وقفنا في ميدان الأوبرا فقد لا يسهل علينا أن نعرف أيهما أقرب إلينا: مسجد القلعة أم الجامعة المصرية بالجيزة. بل كثيراً ما يخطئ المرء في تبين الأطول من بين اثنين من أصدقائه رغم تكرر رؤيته إياهما
أما شعورنا بالزمن فلا يتسرب إليه الخطأ. فنحن واثقون أن حصولنا على تذكرة الترام حادث لاحق لارتقائنا إياه، وأن وجودنا به حادث لاحق لمبارحتنا المنزل. وإذا اشترينا صندوقاً من السجائر فمما لا يداخلنا الشك فيه أن الكتابة المطبوعة على ذلك الصندوق قد تم طبعها قبل شرائنا إياه، وعندما نذهب بأولادنا إلى المدرسة لا يكون ثمة ريب في أن حادث ولادتهم سبق بكثير دخولهم المدرسة. ويدخل عامل الزمن في التجارب العلمية، ففي مقدور العلماء أن يقيسوا فترات صغيرة جداً منه، وقد بين لي الأستاذ جييه في إحدى زياراتي له كيف نتوصل إلى قياس فترة من الزمن لا نتجاوز جزاً من خمسة ملايين جزء من الثانية. ولا متسع هنا لشرح التجارب الخاصة بهذا التحديد الدقيق على أن كل هذه الحوادث قصر أم طال مداها تتعين بأمر ثابت لنا هو: دورة الأرض حول الشمس التي نسميها عاماً.
فعندما يقول إنسان لقد مضى على إقامتي بهذه الدار ثلاث سنوات وستة أشهر، فمعنى ذلك أن الأرض في مدارها حول الشمس عادت لمكانها الأول ثلاث مرات، ولا تزال سابحة في دورة رابعة قطعت منها نصف الطريق