كل الكائنات، وكل ما في الحياة، وكل شيء نستطيع أن نحس به أو نراه، يكتنفه أو يشمله هذان البحران: الفراغ والزمن. إذ لا يمكن لخيالنا وحواسنا أن تتخيل أو نستوعب شيئاً كائناً ما كان غير موجود فيهما، فهذه النملة في طريقها على هذه البقعة من الأرض تقطع هذه المسافة في الحيز ويمر عليها الزمن. وهذه الأرض التي تحمل النملة وتحملنا تقطع أيضاً في هذه الفترة جزءاً من طريقها الذي تدور فيه حول الشمس. وهذا الحجر من أحجار الهرم يشغل حيزاً معيناً وقد مضى عليه أكثر من خمسين قرناً وهو في هذا الوضع؛ أعنى أن الأرض قد دارت حول الشمس منذ وضعه أكثر من ٥٠٠٠ دورة، وحول نفسها حوالي المليونين من الدورات، وليس هذا عمر هذا الحجر منذ تكونه، بل هو الفترة التي مرت على وضعه بين الأحجار. أما عمره فمن تكوين الأيوسين وهو عصر جيولوجي بعيد قد ولى منذ ٦٠ مليوناً من السنين
ولو التزمنا جانب الدقة لقلنا إننا نحن والحجر أقدم من ذلك بكثير فإن العناصر التي نشأنا منها ترجع إلى تكون الأرض التي يغلب على الظن أنها انفصلت عن الشمس؛ فكل ما نتكون منه كان موجوداً منذ تلك اللحظة التي لعلها تبعد في الزمن ألفى مليون من السنين، بل كان موجوداً قبل ذلك منذ تكون الشمس، بل قبل تكون السديم الذي نشأت منه الشمس، بل منذ كانت الخليقة. .
هذا هو الحيز حسب الإدراك البدائي والزمن وفق الوضع البسيط. ولكن تصور العلماء لهما قد تغير اليوم
في رواية تناقلها الصحف إبان الضجة التي أثارتها نظرية إينشتاين في النسبية أن ابنه سأله ذات يوم أن يوضح له تلك النظرية؛ فأجابه: إنه لو فرض جدلاً أن كائناً سيسافر بسرعة تقرب من سرعة الضوء واتفق معه مودعه أن يغيب عنه سنة فأنه لا يحق له عند وداعة على المحطة أن يقول له: إلى اللقاء! لأنه عندما يعود المسافر بعد عام يكون قد مر على الذي ينتظره مائتا عام، وبذلك يكون قد ثوى في رمسه منذ نيف ومائة سنة
هذا الوضع الجديد في الزمن والحيز الذي كان الأساس فيه معادلات لورتنز
يختلف عما عهدناه، وسنرجئ الدخول في فهمهما إلى مقال آخر
أما في هذه الأسطر فلدينا مسألة أكثر بساطة تتعلق بالأرض التي تعيش عليها والكون التي