فلما لم تلق الدعوة مجيباً، ولم يتقدم أحد من ملوك المسلمين. منفردا - بنجدة - ولا كان بينهم من الاتحاد واجتماع الكلمة - ما يجعل لهم - مجتمعين، قوة يستطيعون بها للأندلس إنقاذاً - نفذ القضاء وتم للأسبان فيها ما أرادوا.
عم الأسى، وشمل الحزن جميع المسلمين. ففاضت ألسنة شعرائهم وخطبائهم قصائد وخطباً - لا تزال تملأ الكتب وتبعث في النفوس أليم الذكريات - في رثاء الأندلس، والتفجع لمصابها،
أما اليوم فالمسلمون يشاهدون (طرابلس الغرب) تقتطع من بين أقطارهم لتصبح إيطاليا الأفريقية، وتمحي منها آثار العروبة والإسلام لتقوم على أنقاضها صروح الحضارة الرومانية، ويستبدل بإخوانهم فيها عنصر لا يمت إليهم بصلة، ولا يحمل لهم غير البغضاء والطمع فيما يتصل من أوطانهم شرقاً وغرباً بطرابلس الغرب
يشاهدون كل هذا متفرجين، ويقرءون أخباره في الصحف ولكن كما يقرءون أخبار حوادث الشرق الأقصى أو أمريكا الجنوبية، لا يثور فيهم اهتمام ولا يهتز لهم شعور ولا ترتفع بينهم أصوات حتى بالاحتجاج والاستنكار
فهل ينتظرون أن يغمرها الخطب وحينئذ ترتفع أصواتهم ولكن بالرثاء والتفجع والبكاء على الأطلال - أطلال العروبة والإسلام الدارسين - في طرابلس الغرب:
يا طالبي وحدة الأوطان هل طرقت ... أبواب آذانكم ذكرى طرابلُس؟
أيصبح العرب (طلياناً) تضهم ... (روما) و (مكة) في صمٍّ وفي خرس؟