تونس وكورسيكا ونيس). . . وفي الأيام التالية أخذت الجموع الإيطالية تطوف الشوارع مطالبة فرنسا بمطالب نوابها، وقامت الصحافة الإيطالية وهي شبه رسمية تبرر موقف النواب، وتوضح شعور الجماهير الإيطالية المطالبة بحق طبيعي لها في الممتلكات الفرنسية الثلاث السالفة الذكر. ولم تكتف الصحف الإيطالية في بيان ما تدعيه حقاً لإيطاليا، بل أخذت ولا تزال تأخذ في التنديد بفرنسا وانتقادها انتقادات مرة؛ فقابلتها الصحف الفرنسية بالمثل، فنشأ بين البلدين جدل صحفي كان من تأثيره ازدياد توتر العلائق بين روما وباريس. وفي هذه الأثناء لم يرد الطلبة في فرنسا الوقوف موقف المتفرج، بل قرروا الرد على المظاهرات الإيطالية، فقامت جموعهم بمظاهرات في أنحاء المدن الفرنسية هاتفة بهتافات تهكمية منها (صقلية وسردينيا لفرنسا) و (إيطاليا للنجاشى)
كان للمشهد التمثيلي في البرلمان الإيطالي وقع سيئ في الدوائر الفرنسية. وقد اهتمت حكومة باريس به اهتماماً كبيراً، فدعا المسيو بونيه وزير خارجية فرنسا سفير إيطاليا لمقابلته في اليوم التالي للحادث، وقابل المسيو فرانسوا بونيه سفير فرنسا في روما الكونت شيانو في ٢ ديسمبر واحتج على حادث مجلس النواب الإيطالي، فنفى الوزير مسؤولية الحادث عن حكومته بقوله (إن الحكومة الإيطالية لا تعد مسؤولة إلا عن مسلكها ومطالبها الرسمية)
لم تكتف الحكومة الفرنسية بهذا الرد، وعولت على أن تبرهن أنها لا تتهاون في مصالحها ولا تسمح بالتفكير في الاعتداء على أملاكها، فردت على مظاهرة البرلمان الإيطالي المدبرة رسمياً، بزيارة المسيو دلادييه لكورسيكا وتونس في ٣ يناير سنة ١٩٣٩، بموكب عسكري، فقوبل فيها بترحاب عظيم. وقد هتف أهل كورسيكا وسكان تونس الفرنسيون بحياة فرنسا، وأظهروا أنهم فرنسيون لا يريدون من جنسيتهم بديلاً. أما أهل تونس العرب فأكدوا - إن كان لا بد من المفاضلة بين فرنسا وإيطاليا - أنهم لا يترددون في التمسك بفرنسا، ولا يقبلون قط الانتقال إلى الحكم الإيطالي. وزيادة على ذلك فقد صرح المسيو دلادييه، والمسيو بونيه داخل البرلمان وخارجه، أن الحكومة الفرنسية لن تتنازل عن شبر واحد من أملاكها.
لم ترتح إيطاليا لزيارة المسيو دلادييه لكورسيكا وتونس، بل رأت فيها اعتداء صريحاً