للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عليها وسبباً لزيادة توتر العلاقات بين الجارتين. كما إن تأكيد الدوائر المسؤولة في باريس برفض المطالب الإيطالية، أغضب رجالات إيطاليا وصحافتها. فاشتدت في حملتها على فرنسا، وحاولت إثبات عدالة تلك المطالب الطبيعية.

لم تكن نيس وكورسيكا يوماً ما تابعتين لإيطاليا الحديثة، إذ أن نيس ومقاطعة سافوا كانتا من أملاك الدون دي سافوا وجزءاً من مملكة سردينيا. ولما قام الملك فكتور عمانوئيل ووزيره كافور بتوحيد إيطاليا، احتاجا إلى مساعدة فرنسا لهما ففاوضا نابليون الثالث في مساعدتهما على إخراج النمساويين من اللومباردي وفي موافته على توحيد البيمون مع الدول الوسطى. ووعداه مقابل ذلك بالتنازل لفرنسا عن نيس ومقاطعة سافوا. فتم الاتفاق بينهم على ذلك عام ١٨٦٠. وعندما جرى استفتاء التنازل لفرنسا في ١٥ أبريل عام ١٨٦٠، كان ٢٥٧٤٣ صوتاً محبذين الانتقال و ١٦٠ صوتاً فقط ضد التنازل.

أما كورسيكا فقد كانت تابعة لجنوا منذ القرن الخامس عشر حتى عام ١٧٦٨، الذي فيه باعت جنوا سيادتها على هذه الجزيرة لفرنسا. ومنذ ذلك التاريخ وكورسيكا جزء من فرنسا.

وأما تونس فقد تدخلت فيها الدول الاستعمارية عن طريق قرض الأموال لها. ثم تذرعت هذه الدول كعادتها باضطراب الأحوال المالية والإدارية، ففرضت على تونس عام ١٨٦٩ رقابة مالية قوامها ممثلون لبريطانيا وفرنسا وإيطاليا. وأخذت هذه الدول الثلاث تتنافس وتسعى كل منها بأن يكون لها القسم الأول من التدخل في شؤون تونس ونشر نفوذها عليها. وكانت إيطاليا تأمل في احتلال تونس وجعلها مستعمرة لها. ولما أرادت تنفيذ رغبتها، أبدت ما عزمت عليه لإنكلترا لأخذ موافقتها، فأجاب رئيس وزارتها حينئذ، أن بريطانيا العظمى لا ترى بعين الارتياح ساحل تونس وساحل صقلية في يد حكومة واحدة. ولا تزال بريطانيا تحتفظ بهذه السياسة حتى الآن حفظاً لسلامة طرق المواصلات في البحر الأبيض المتوسط. وكانت فرنسا ترغب فيما كانت ترغب فيه إيطاليا من ضم تونس إليها، فاتفقت مع بريطانيا بأن تترك لها حرية العمل في تونس نظير موافقة فرنسا على ضم إنكلترا جزيرة قبرص.

وفي عام ١٨٨١ سارت قوة عسكرية فرنسية إلى داخل تونس بحجة مطاردة بعض القبائل

<<  <  ج:
ص:  >  >>