وتنصب أكثر أبحاث الكلية على موضوعات مصرية، فتجد موريس أفندي يبحث في الامتصاص السطحي للقطن، ووديع أفندي يبحث في تركيب أنواع الأصباغ. وقد تمكن بعض الأساتذة المصريين من اكتشاف عائلات من النباتات والحيوانات المصرية التي لم تكن معروفة من قبل. ونظرة واحدة في تقارير الكلية تبين لنا ضخامة العمل الذي يقوم به أولئك الباحثون في غرفهم.
ففي كل قسم عشرات من الأبحاث. وتصدر الكلية نشرة صدر منها حتى الآن ثمانية عشر عدداً، وتحتوي على أبحاث قومية جديدة على العلم. هذا خلاف ما ينشر في المجلات العلمية الأجنبية التي تشعر العالم الخارجي بوجود العلماء المصريين أكثر مما نشعر نحن بوجودهم. فما زلت أذكر ما أصاب ذراعي من (تنميل) أصابه لثقل مجموعة النشرات التي حملتها إلى داري لأعرف بعض ما يفعل أولئك الناس. ففي الكلية ثمانية أقسام لا يقل عدد الموضوعات التي تبحث في كل منها عن عشرين بحثاً، إلى أن إنتاج الكلية لا يقل عن مائة بحث في السنة.
وتعتمد هذه الأبحاث هيئات علمية أجنبية محترمة فيرسل البحث إليها لمراجعته وتحقيقه وإبداء الرأي فيه؛ فإذا وافقت الهيئة المنتدبة على اعتباره بحثاً جديداً صحيحاً منح صاحبه الدرجة التي يستحقها إذا كان الغرض من تقديمها الحصول على درجة. والدرجات ثلاث: البكالوريوس وقد تكلمنا عنه، ودرجة الماجستير وهي اعتراف بأن حائزها يمكنه أن يقوم بأبحاثه مستقلاً تمام الاستقلال وتؤهله للحصول على درجة دكتور التي يجب للحصول عليها أن تقرر لجنة الامتحان أنها تضيف مادة مبتكرة إلى الإنتاج العلمي.
نسيج العلم الحي
وقلما تجد في كلية العلوم طالباً لا يطمع في الحصول على إجازة الدكتوراه ويسعى إليها. فإن روح الكلية لا تفهم إلا معنى واحداً وهو إضافة مادة جديدة إلى نسيج العلم الحي. وقد يعجب الناس ويقولون: وما لنا لا نسمع عن هذه الأبحاث ولا نراها؟ والجواب على ذلك سهل بسيط، فإن الباحث العلمي يضع الحجر الأول للاستغلال الاقتصادي والصناعي فهو يضع النظرية اليوم ليمكن استغلالها بعد عشرات السنين. وما زال كثير من النظريات التي تحقق وجودها علمياً بعيدة عن التطبيق في الحياة العامة. فهل تمكن العالم بعد من الاستفادة