والأحوال الخاصة التي سردتها حضرة الآنسة الفاضلة (زينب الحكيم) في قصصها، وأصبحت الفتاة اليوم تتوخى في عهد خطبتها وسائل متزنة للسيطرة على قلب خطيبها وشريك حياتها، فأبت أن تتبع ما كانت تتبعه أختها في العهد الماضي من ضروب إحاطته برعاية الأم الحانية على طفلها الرضيع بنواهيها العديدة، لأنها قد تحققت أن فتى اليوم، يكره القيود التي تغلّ الإرادة وتشلّ القوى، ويرفض الانصياع لمنْ تمخضه النصح على الولاء، بارتداء الملابس الصوفية إذا ما لاحت بوادر الشتاء، واستصحاب زوج إضافي من الجوارب السميكة إذا خرج لمباراة في لعبة الجولف ليتقي بها الأمطار في حالة هطولها، وأن يتعشى بفالوذج اللبن والبيض، وأن يعني بتهوية مسكن العزوبة المجدب من أناقة المرأة وعنايتها؛ لأن الحياة الرياضية، التي يحياها فتى اليوم، في فرق الكشافة والجوالة والتدريبات العسكرية، قد جعلته واسع الحيلة في شؤون المعيشة، شديد الاعتماد على نفسه، كبير القدرة على العناية بصحته وبمسكنه، وأصبحت فتاة اليوم تتجنب إظهار امتلاكها له أمام الناس، والتحدث بحقوق الاختصاص التي وضعتها عليه كما لو كان بعض الدواجن التي تدللها وتستصحبها معها في المنتديات العامة مباهية بسيطرتها عليه. وأصبحت تتجنب الاعتداد بنفسها، والاستعلاء عليه وإبداء البرودة نحوه والإكثار من معاتبته والتفلسف في تحليل كل صغيرة وكبيرة من تصرفاته ومحاسبته على كلماته والإغراق في أخذه بمغالبات جدلية ومناقشات منطقية، وإملاله بسرد النظريات العلمية والتخيلات الروائية، وإذاعة المعلومات وآخر النشرات الإخبارية الشائعة بين أفراد طبقتها، والظهور أمامه بمظهر الحزن والاكتئاب والتجهم ويقظة الضمير والإفراط في ادعاء الورع والتدين، وتحوير الأمور وتحريفها وقلب ظاهرها لباطنه؛ وأخذت تبدو أمامه على الدوام متهللة الغرة، قريبة منال البشر، طيبة النفس فكهة الأخلاق، في احتشام الفتاة، وخفر العذراء، وكرامة السيدة وجلالها وصراحتها وثقتها ومحبتها ووفائها وطاعتها. . ولعله يحسن بي أخيراً أن أنتحي ناحية الرجل فأقول إنه يستطيع تحقيق المثل الأعلى للفتاة كزوج حين تجتمع فيه أنبل ميزات الرجولة وأكرم أخلاقها وأمجد مناقبها، فتجد فيه القوّام المخلص العطوف المطاوع، والشريك الحازم الرشيد الأمين الكريم الذي يتفانى في توفير أسباب الراحة والطمأنينة لها، ويتعاون معها على إسعاد العمران، والسمو بالمجتمع الإنساني إلى مراقي الكمال المنشود.