هذا وقد قرأت أخيراً في إحدى المجلات الأمريكية نبأ العثور على نوع من الأشجار يفترس الإنسان؛ فقد روى العلامة الدكتور كارل ليشي أحد الرواد النمسويين ومن أقطاب العلماء، أنه أثناء رحلته في ارتياد مجاهل جزيرة مدغشقر اتفق أن رأى منظراً غريباً ملك عليه حواسه وأخذ بلبه. ذلك أنه رأى جماعة من الزنوج يدفعون فتاة عارية نحو شجرة هائلة تشبه شجر الأناناس ولها أوراق ضخمة، ويبلغ محيط الشجرة من أسفل ست أقدام أو أكثر، ويخرج منها أفرع طويلة ذات أوراق عريضة إبرية الحافة، ويسيل من الشجرة رحيق مسكر، حتى إذا ما وصلت الفتاة إلى الشجرة أرغموها على شرب الرحيق. فلم تكد تفعل حتى انتابتها نوبة من الإغماء قد تكون من تأثير الخوف، وقد ترجع إلى أن الشراب مخدر للأعصاب.
وما لبثت الأوراق أن التفت حولها واحتوتها بين أسنانها وبذا اختفت عن الأنظار، وما لبث أن سال دم الفتاة مع رحيق الشجرة فأقبل الزنوج عليه يشربونه بشراهة وغلظة.
وقد أيد هذه المشاهدة الكابتن هرست الإنجليزي الذي قام على رأس بعثة علمية لارتياد مجاهل مدغشقر؛ فقد وصف ما شاهده وقال إن أوراق تلك الشجرة تلبث مطبقة ستة أيام أو أقل قليلاً ثم تنفرج عن هياكل عظمية تذروها الرياح.
أقول إن هذه المشاهدات سواء كانت واقعية أو خيالية لا تخالف العلم فقد رأينا كيف أن النبات يفترس الحشرات في احتياجه إلى الأزوت؛ ولن يميز النبات بين حشرة أو حيوان أو إنسان إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً. وأغلب الظن أن الشجرة المذكورة في جزيرة مدغشقر، تعتمد في غذائها على الحيوانات التي تلجأ إليها ليلاً أو فراراً من القيظ أو هرباً من عدو، وأن الأهالي وقد عرفوا فيها تلك الخاصية قدسوها وأخذوا يقدمون لها القرابين من الفتيات، ويشربون من رحيقها المسكر المختلط بدم الضحايا، وهم يعتقدونه شراباً إلهياً قدمته إليهم الآلهة تقبلاً منها وكرماً.
هذه كلمة موجزة عن النباتات آكلة الحيوان، وهي جديرة بأن تسمى:(النباتات آكلة اللحوم) أسوة بالحيوانات (آكلة اللحوم).