علاقة والقمر هو الجرم السماوي الذي لفت أنظار الشعراء وشغلهم، وهو الوحي الذي يستهلون منه، كما أنه المعين الذي يغرف الأدباء منه الخيال؛ وقلما تخلو قصيدة غزلية من التشبيه به أو التحدث عنه. لا يفارق مخيلتهم، يأخذون من تزايده ونقصانه ومن اكتماله بدراً ومن أشعته الفضية - ميداناً لنظم الشعر ومسرحاً للأدب الرفيع
ولا أدري لماذا كل ذلك؟
إني على يقين أنهم (الشعراء والأدباء) غاضبون حانقون لما ورد في هذا المقال من حقائق، وأقول كما قال الأستاذ توفيق الحكيم (إن كل الجمال المحيط بنا إنما هو من صنع عيوننا القاصرة. والويل لنا إذا أبصرت أعيننا الآدمية أكثر مما ينبغي لها أن تبصر. . .)
ولئن أبصرت عيوننا أن القمر خال من الهواء، وإن نهاره محرق وليله بارد لاذع، وإن أشعته مستمدة من الشمس وهي أشعة أكذب من سواد الخضاب في اللمة البيضاء
ولئن أدى البحث إلى أكثر من هذا فصنع لنا عيوناً نبصر بها فوهات براكينه المخيفة، ووديانه الموحشة، وأراضيه المقفرة؛ أقول لئن أبصرت عيوننا كل هذا وفجعتنا في القمر، فلقد دلتنا عيون العلم الحادة إلى ما هو خير منه وأبانت لنا الشمس على حقيقتها وأماطت اللثام عن روائع كثيرة ما كنا لنعرفها أو نبصرها بعيوننا الآدمية القاصرة
كشفت لنا عن الشمس وأنها باعثة الجمال على القمر ومصدر الحياة على الأرض، ولولاها لما دارت الأرض ولا دار القمر
فلماذا إذن لا يتغنى بها الشعراء والأدباء؟ ولماذا ينكرون عليها خيراتها وبركاتها
ولئن جحد الشعر والأدب افضال الشمس عليهم وعلى الناس فلقد انصفها العلم ورعى حقها وبوأها مكانها اللائق بها وبما تسديه إلينا من نعم لا تحصى ولا تعد
وأخيراً أعزى الشعراء عن حبيبهم القمر بقول المتنبي: