للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بأفكارهم وإن لم يقصدوا إلى رجل بعينه يحسون أنه سيغدو عما قريب زعيم ثورتهم

سقطت الوزارة الأوربية ولكنها ألفت من جديد برياسة الأمير توفيق، فلقد رفض قنصلا إنجلترا وفرنسا أن يرأس إسماعيل نفسه الوزارة كما طلب. ولقد أرادت الدولتان على لسان قنصليهما أن يدخل نوبار الوزارة الجديدة فرفض الخديو وصمم على الرفض ورأت الدولتان مبلغ حرص إسماعيل على إبعاد نوبار، فاشترطتا انهما تقبلان ذلك إذا أعطى العضوان الأوربيان في الوزارة حق (الفيتو) على قرارات مجلس الوزراء، ورضى إسماعيل بذلك فصار للعضوين الأوربيين حق إيقاف أي قرار لمجلس الوزراء لا يوافقان عليه؛ ومعنى ذلك انهما صارا يحكمان البلاد حكما ديكتاتورياً لا يدع للخديو في مصر سلطة أو ظلها!

وآن لمجلس شورى النواب أن يخطو خطوة ما كان أعظمها من خطوة؛ نمى إلى المجلس فيما نمى إليه من أنباء الوزارة الأوربية أنها تأتمر بالمجلس وتنوي التخلص منه فصمم الأعضاء ألا يتفرقوا وإن يظلوا في أماكنهم للنظر في شؤون البلاد في تلك الآونة العصيبة. . . ألسنا نرى في ذلك صورة مما حدث في فرنسا في مستهل عهد ملكها لويس السادس عشر، حين اشتدت الضائقة المالية ورأى نواب الشعب وجوب العمل على وضع حد لسوء الحال؟ لقد أدت الظروف إلى أن يصبح مجلس شورى النواب تلك الهيئة التي لم يكن لها حول ولا قوة - هيئة تحاسب الوزراء وتملك حق إقصائهم عن مناصبهم إذا ما تهاونوا في حقوق البلاد

لقد كان لشريف الفضل كل الفضل فيما وصل إليه المجلس من حقوق حتى ليعد شريف بذلك مؤسس الحركة الدستورية في مصر.

كان المجلس في وزارة نوبار قد أرسل إلى السير ريفرزولسن وزير المالية يدعوه ليحضر أمامه ليسأله عن بعض الأمور، فسوف وما طل ولم يحضر أو يرسل إلى المجلس شيئاً مما طلب المجلس أن يطلع عليه من المشروعات؛ وضاق المجلس بما فعل وزير المالية وأصبح يفسر عمله بأنه إهانة موجهة إلى الأمة في أشخاص نوابها

وفي وزارة الأمير توفيق استصدر وزير الداخلية رياض باشا أمراً من الخديو إلى النواب بأن مدة مجلسهم قد انتهت فعليهم أن ينفضوا؛ وذهب رياض يتلو على النواب هذا الأمر؛

<<  <  ج:
ص:  >  >>