هُنَاكَ لاَ يَلْبَثُ حَتَّى يَرىَ ... فَتاَتَهُ بَعْدَ النَّوَى رَاجِعهَ.
هُنَاكَ كَمْ سَارَا على مَوْعِدْ ... وَاّللْيلُ يَغْشَي القَرْيَةَ الهَاجِعَه
فالتقيا لا عَيْنَ تَرْعَاهَمَا ... إِلا عُيوُن الأَنْجُمِ اللاّمِعَة
يَا قُدْسَ هذا الحبَّ في خَلْوَةٍ ... صَلَّتْ بِهَا مُهْجَتُهُ خاشعهَ
في رَوْعَةِ الصُّبْحِ يرى وُحْدَه ... جَبيِنهاَ فيِ شَمْسِهِ الطَّالِعَه
وَيَمْلأ الَّنْفسَ صَدَى صَوْتِهاَ ... والطيرُ في أَفْناَنِهاَ سَاجعه
وَينْطَوِي الصَّيفُ وَأَحلامُهُ ... والوَصْلُ في عيشه الوادِعه
يَا لَيْلَةَ التَّوُديعِ كَمْ لَوْعَةٍ ... هَاجِسَةٍ في نفسِه الجازِعه
يا حَيْرَةَ الأَعْيُنِ في مَوقِفٍ ... تُرَى بِهِ بَاسِمَهً دَامِعَه!
صَحَا عَلى اَلعُيش وَأكلاَفِهِ ... فَساَرَ سَيرَ النَّابِهِ المَاجِدِ
هذا هو الزورَق يَجري بِهِ ... يا رَحَمتَا للزَّورَقَ الجَاهِدِ
ما هذه الدنيا وأوضاعها ... كم ذا يرى مِن طَبِعهاَ الفاسِدِ!
الجاهُ فِيهَا للخنا تَوأَمٌ ... والحظَّ للِلاَّهِي وَلِلقَاعِدِ!
كمْ جَاهِلٍ يَعلُو بِهِ جَهلُه ... فيها وكم من غَاِفلٍ جَامِدِ!
وَالصَّابِرُ الَمكدُودُ يَشَقى بها ... ما أضيَعَ الآمَالَ للِحَاصِدِ
وَكم يَرَى ذو الِبرِّ من جَاحِدٍ ... وذو الحجا والفَضلِ من حَاسِدِ
والناسُ إلا قِلّةً أذوبٌ ... وحَاقدٌ يَنعَى عَلَى حَاقِدِ
مَا ضَرَّهُ من عَيشِهِ ما رَأى ... أو صَدَّهُ عن سَيِرِهِ القاصِدِ
يَحتَقِرُ الدُّنياَ وأوهَامَهاَ ... مِن طَارِفٍ فيها ومِن تِاِلدِ
يَكِيدُ لِلدَّهرِ بِأقدَامِهِ ... فَلَيسَ هذا الدَّهرُ بالكائِد!
مَا هَذِهِ الدُّنياَ لِيَشقَى بِهاَ ... أمَا تُرَى هَازِلَةً لاعِبَهْ؟
وَيلٌ لِمَنْ تَطغَى عَلَى لُبِّه ... بُرُوقُهاَ الكاذِبَةُ الخَالِبَه
يَا أيُّهاَ الباكي على حَظِّهِ ... لا يُرجِعُ الدَّمعُ مُنيٍ ذاهِبَه
عَجِبُت للشَّاكِين أيّامَهُمْ ... ما نَفعُ تِلك العِيِشة الصاخِبة؟
الهَمُّ، والدُّنَيا على حالهِاَ ... غِذاءُ هَذي الأنفُسِ الغاضِبَة