وما الذي يغنم بعض أدباء لبنان من الطعن في الثقافة المصرية؟ أيستطيعون أن يدعوا لأن في مقدورهم أن يمدوا أهل بلادهم بكل ما تتطلع إليه الأذواق والعقول؟
أيستطيعون أن يدعوا أن أهل بلادهم من القناعة والزهد بحيث يكتفون بما يصدر في لبنان من مؤلفات وجرائد ومجلات؟
أيستطيعون أن يدعوا أن أدباء مصر لا يملكون من وسائل العناد والغطرسة ما يملك بعض أدباء لبنان يوم يستعر الجدال؟
أيستطيعون أن يدعوا أننا سنصفح أبد الدهر عن تطاول بعض الناس فلا نجزيهم عقوقاً بعقوق؟
لقد زرت لبنان، فماذا رأيت؟
رأيت الطبيعة ورأيت الناس، ويعز عليّ أن أصرح بأن بعض الناس في لبنان يصدون النفوس عن التطلع إلى جمال الطبيعة في لبنان.
وما الذي يهمنا من الجبل وهو صامت لا ينطق؟ وما الذي يهمنا من جبل لبنان يوم يصح أن أبناءه يؤذون العروبة جاهلين أو عامدين؟
لقد تعقبتني إحدى مجلاتهم وأنا في بغداد فكتبت تقول:
(سفير العروبة المصرية في العراق يطعن صدر لبنان)
وقد كتبت رداً مفحماً على ذلك المقال الجائر الظلوم، ثم طويته ترفقاً بلبنان الذي أرجو أن يظل بإذن الله من حصون اللغة العربية. وأنا مستعد لنشر ذلك المقال إن أذن أصدقائي الكرام من أهل لبنان
إن أدباء مصر يملكون من الثروة الذوقية ما لا يملك بعض الناس، فأدباء مصر هم الذين يشيدون بمحاسن الأقطار العربية، وهم الذين يضفون الجمال على كل بلد يحلون فيه؛ والى أقلامهم يرجع السحر الذي يتمتع به جبل لبنان
وأنا مع ذلك أشهد بأننا نرد إلى أهل لبنان بعض ما طوقوا به أعناقنا من وداد: فلمصر في لبنان مكانة عالية. وفي أدباء لبنان رجال أبرار لا يذكرون مصر بغير الجميل؛ ومن أجل هؤلاء الرجال الأبرار تتسع صدورنا لما نسمع من فلان وأشياع فلان، لأننا نعرف أن المرء لا يمثل أمته حين يخطيء، وأنما يمثلها حين يصيب