منها أقل صراحة من بعض ما في كتب القصص العربية؛ وأن يعترف أن شاعراً كشكسبير لا خطر منه على الإسلام، فلا هو مبشر بالمسيحية ولا هو ملحد وداعية للإلحاد. وما يصدق في الكلام عن شكسبير يصدق في الكلام عن ألف شاعر وألف كاتب من شعراء الأوربيين وكتابهم. وخليق بالأستاذ أن يعترف أيضاً أن بين الكيميائيين وعلماء الطبيعة الأوربيين من هم أشد خطراً على الإسلام من كثير من أدبائهم، لا لأنهم يحقدون على الإسلام ويريدون الكيد له، بل لأن علمهم الطبيعي شط بهم عن الأديان. وأظن أن لنا بعض العذر إذا فهمنا بعض ما فهمنا من قول الأستاذ عن أعداء الدين الإسلامي من الأوربيين إذ قال أنهم أرادوا ألا يهاجموا مواجهة بل بحركة التفاف، وأن حركة الالتفاف هذه هي نزعة بعض الكتاب المصريين إلى التجديد، وذكر مؤلفات الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب ومؤلفات هيكل القديمة، فبالله كيف لا يكون للجمهور العذر إذا فهم من قول الأستاذ الغمراوي أن الدكتور طه حسين وهيكل من دعاة أعداء الدين الإسلامي ومن عمالهم السريين القائمين بحركة الالتفاف هذه بدل مهاجمة الدين الإسلامي مواجهة، وعلى فرض أن تأليف الدكتور طه كتاب (على هامش السيرة) وتأليف هيكل (حياة محمد) و (منزل الوحي) لم يقنع الأستاذ الغمراوي بخطأ رأيه فيهما ألا يقنعه تأليفهما هذه الكتب أنهما لا يريدان معاونة الحاقدين على الدين الإسلامي من الأوربيين للقيام بحركة الالتفاف كما يقول الأستاذ وأنه إن كان في تأليفهما القديم أو الحديث شطط فأسبابه ما أوضحنا من الأسباب الاجتماعية، ومن شغف جديد بالبحث قد يخطئ وقد يصيب، لا لأنهما يريدان معاونة الحاقدين على الدين في القيام بحركة التفاف. ولو أن كاتباً في أوربا في بدء نهضة الأحياء في القرنين الرابع عشر والخامس عشر اتهم رواد النهضة في أوربا بأنهم يريدون القيام بحركة التفاف معاونة لمن يكره المسيحية من المسلمين لما تعدى قوله قول الأستاذ الغمراوي. ولا أظن أن الأدباء في أوربا يسعون سعياً حثيثاً لمهاجمة الإسلام؛ وإن كان بعض الكتاب الأوربيين يفعل ذلك فإنه لا يفعله كأديب ولا كمفكر عالم ولكن كمبشر بدين آخر. وإذا كان بين أدباء المسلمين ومفكريهم وبين الأدباء والمفكرين في أوربا صلة فهي ليست صلة عداء لدين بل صلة بحث وتفكير قد يخطئ وقد يصيب. وبالرغم من أن الأستاذ الغمراوي قد فسر قوله (إرادة تغليب دين على دين) تفسيراً جديداً فإنه يحوم ويحلق