للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

توضح أبسط وسائل الزينة وأيسرها اتباعاً

وفي الحق أن التفاني في اللجوء إلى الجمال المصطنع، والتغالي في إتقان فن التجميل دلت عليه نهضة صناعة قديمة تضارع أقدم الحضارات

فقد أوضحت الاستكشافات الأثرية، وبرهن التاريخ، على أنه قد وجد في مقابر قدماء المصريين، وعلى زهريات اليونان، وفي نقوش بابل، وفي الفسيفساء الروماني، أن الدهون قد استعملت بكثرة غامرة، بحيث تجعلنا نتخيل أن الوسائل التزين والتجميل استعملت في تلك الأيام بحالة لا يمكن أن تكون أقل انتشاراً مما هي عليه في أيامنا

فطالما وجدت تحت أكوام الآثار القديمة عشرات الآنية التي احتوت على أنواع الكريم والأصباغ وسوائل التدليك من كل صنف

أما المرأة الرومانية واليونانية كما يقرر عنها أتنيس فقد استعملت مسحوق المحار الأرجواني اللون (كالروج) للوجنتين، واستعملت للشفاه أحمرها المعتاد. ومن المشاهد أن هذا اللون الأرجواني لصبغ الوجنتين، قد أعيدت بدعته من نحو سنتين، ولا يزال يعرض في الأسواق اليوم وتستعمله بعض السيدات؛ وهذا دليل على تقصي مهرة مصنفي وسائل التجميل لتاريخ فن التجميل، ودراستهم لنفسية المرأة، وتتبعهم تفننها وتنوّع ميولها في مختلف الحقب

أما المصريات فقد استعملن الكحل (الأثمد)، ومن الغريب أنهن كن يسودن طرفي الفم بحيث يصل طول الخط الأسود الممتد من طرف الشفتين نحو سنتمتر أو أكثر قليلاً، وتوجد نماذج من التماثيل التي توضح ذلك في المتحف المصري بالقاهرة

والأثمد يستعمل الآن بكثرة في الشرق الأدنى لتسويد الأهداب، وإظهار الحواجب، وتفخيم العيون، وكان يستعمل معجوناً كدهان للجفون السفلى مما أكسبها نظرة جذابة، ولعل (الرِّمل) الذي يستعمل الآن هو اختراع مهذب عن ذاك

والإنجيل يخبرنا أن الزيوت العطرية كانت تستعمل لدهن الشعر، وكثير من رءوس الموميات المصرية وجدت مغطاة بآثار شعر مصفف بطرق أنيقة لتجعيد الشعر وكيه وقصه ووجدنا أن الزهريات الرخامية الفاخرة، تحتوي على مراهم يرجع تاريخها إلى ٣٥٠٠ عام قبل الميلاد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>