في سنة ١٧٧٠م قدِّم اقتراح للبرلمان الإنجليزي، يهدد بتحريم أي زواج لإحدى رعايا الملك إذا استعملن الروائح والأصباغ والدهون، كما حرم اتخاذ الأسنان الصناعية وغيرها. ولست أدري إذا كان هذا الاقتراح هو السبب في شدة اعتدال المرأة الإنجليزية في استخدام أصباغ الوجه، وانصرافها عن عمليات التجميل التي تحسن الأسنان الشائهة مثلاً، فإن الإنجليز ناس تقاليد ونظم!
وهل يمكن أن يكون هو السبب ذاته في عدم تشجيع القوم هناك على العناية بالنظافة الشخصية، مضافاً إلى ذلك حالة الجوّ! أظن أنهما معاً السبب المباشر في الروائح التي تنبعث من بعض المجتمعات الإنجليزية مما ينفر من حضورها أو الإقبال عليها، لا سيما إذا ما كانت في أمكنة ضيقة
حاولت بعض المستعمرات الأمريكية أن تسن قوانين مشابهة لتلك، قاصدة إلى إحباط نشاط المرأة في سبيل التزين ولكنها لم تفلح كثيراً
أما النساء الفرنسيات في بلاط لويس الثالث عشر فكان لهن ملء الحرية في استعمال الدهون من أغلى الأنواع، وبذلك ساعدن على اختراع وتركيب العطور والكريمات وجميع المنتجات التي تزيد من جمال المرأة على أساس صناعي تجاري
وأظن من الواضح ما نشاهده من تأثير تلك الحرية بالنسبة لفن التجميل عند المرأة الفرنسية التي تغالي جداً في استخدام الأصباغ والعطور بحسن تصرف وذوق حسن كما سبق أن نوّهنا
ولقد روج هذا، دون ريب، تجارة وسائل الزينة وصناعتها، وأحدث موجة من نوع خاص في جملة بلاد ولا سيما في الولايات المتحدة
فمثلاً حلاقو الشعر وأصحاب محال التجميل وأطباء جراحات التجميل للوجه والجسم، وغير هؤلاء من الأخصائيين تعاونوا مع الصيدليين والمجربين على اختراع طرق ووسائل لما تركته الطبيعة بدون تشكيل حسن في نظر العصر وذوق التطور، أو ما سببه شذوذ الخلقة من نقص أو ما فعلته تأثيرات ظروف حياتنا الحاضرة