للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- عفواً يا صاحب العزة! لقد عرفت القياس وأنكرت الفارق. إن أكثر المنافع في أمريكا من فضل الغنى؛ فكيف يبطن الفقير له الغل وهو يتعلم في مدرسته طفلاً، ويعمل في مصنعه رجلاً، ويتداوى في مستشفاه مريضاً، ويأوي إلى ملجئه شيخاً؟ إن صاحب الملايين في الدنيا الجديدة مثل الإنسان الأعلى: أثرى بالكد والإيمان والكفاية، ودبر ثراءه على قواعد الوطنية والإنسانية والدين، فكان حرباً على الجهل والبؤس والشر، وعاملاً للسلام والوئام والمحبة. أما أغنياؤنا فمثال الطمع الجريء والشح الدنيء والصلف العاتي: أثروا بالإرث أو بالحرص أو بالحظ أو بالحيلة؛ ثم كدروا صفو الحياة على الفقير، فهم يزاحمونه على المجانية في المدارس، ويغلبونه على الوظائف في الدواوين، ويدوسونه بسياراتهم في الشوارع، ويسلبونه بطماعتهم في المزارع، ويصدونه عن البرلمان حتى لا يكون لغير أقوالهم سميع، ولا يصدر بغير إرادتهم تشريع

ونظر صاحبي في ساعته ذات السوار، ونظرت أنا إلى البحر فإذا هو يمور ويفور، والصيادون المساكين يكافحون العاصفة ليصيدوا لهذا الغنى المبطان لوناً من الطعام تكمل به مائدته الموقرة الحافلة!

ثم افترقنا وكل منا على رأيه!

احمد حسين الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>