صدري؟
أين من يعزيني فيك وأنا أومن بأن أباك لو كان عاش حتى ثكلك لما جزع عليك معشار ما جزعت عليك؟ أين من يعزيني فيك إن كان قلبي سيعرف من بعدك العزاء؟
يا محمد، وما أجمل اسمك!
كيف جاز عندك أن تغمض عينيك قبل أن تراني؟
كيف جاز عندك وأنت مثال العطف والحنان أن تفارق الدنيا قبل أن أراك؟
أكنت تعرف بوحي القلب أنك مفارق؟
كنت تعرف ذلك ولا ريب، لأنك تلهفت إلى لقائي في أيامك الأخيرة مرات ومرات، وكنت لجهلي أحسب ذلك من إمارات الشوق، لا من إمارات التوديع، فضيَّعتُ حظي من لقائك وأنا آثمٌ ظلوم
ليتني أعرف، يا محمد، كيف تشعر بعد الموت بجزعي عليك!
ليت الحجابُ يكشَف مرةً، لأعرف أن حزني وصل إليك!
أين من يعزيني فيك يا نعيماً ذهب وأملاً ضاع؟
أين من يعزيني فيك يا روضة من الحسن عصف بأزهارها الزمان؟
أين من يعزيني فيك يا دوحةً من المجد عَدتْ على أغصانها العوادي؟
أين من يعزيني فيك وما عرفت معنى الأخّوة إلا حين عرفتك، ولا تذوّقتُ معنى الأنس بالأرواح إلا حين أنستُ بروحك، ولا فطنتُ إلى ما في الدنيا من ذخائر إلا حين فطنتُ إلى الذخائر المودَعة في صدرك الأمين
يا محمد، وما أجمل اسمك!
أفي يوم واحد تضيع من يدي، أيها الكنز الثمين؟
أفي مثل ومضة البرق يذهب الروض الذي كنت آوى إلى ظلاله حين يلفحني هجير العناء؟
أفي مثل لمح البصر أنظر فأراني وحدي وكنتَ جيشاً أحارب به الزمان؟
أفي مثل خفقة القلب ينطفئ السراج الذي كنت أستهدي به في الملمات؟
يا محمد، وما أجمل اسمك!