سيكون في دنيانا بعدك أفراح وأحزان، وسنلقى الدنيا بعدك باسمين أو عابسين، ولكنا سنذكر أن طالت الحياة أن خفقات القلوب من بعدك لن تكون إلا مزاحا في مزاح.
نكذب عليك، يا محمد، إذا قلنا إننا سنجعل خفقات القلوب وقفاً على الهتاف باسمك، والشوق إليك، ولكنك ستعرف أنك ستظل في قلوبنا مثال الشرف والصدق، وسترانا من أهل الحرص على التغني بمحامدك في أكثر الأوقات، حين يجدّ ما يوجب أن نتطلع إلى الأصدقاء الأوفياء.
يا محمد، وما أجمل اسمك!
بموتك عرفتُ أن الحزن خليقٌ بأن يكون شريعة من الشرائع
بموتك عرفت كيف يجب أن أفكر في لقاء الرفاق الأصفياء كل يوم.
بموتك عرفت أن في قلبي ذخائر من الصدق والوفاء
يا محمد، وما أجمل اسمك!
أقسم بالله وبمودتك أن الموت كاد ينتاشني في الطريق حين قرأت خبر موتك، فإن طالت حياتي بعدك فسيكون ذلك أعجوبة من الأعاجيب، وسأقضي ما بقى من حياتي في تحقيق الأغراض التي كنت تحبّ أن تحققها في حياتك
أخي وصديقي:
لا أقول:(يغفر الله لك)، فقد كنت أطهر من الزهر المطلول، وإنما أقول:(يغفر الله لمن عرفك ولم يمت لموتك).
أما بعد، فقد كان في نيتي أن أرثي الهراوي في إحدى الجرائد اليومية، ثم رأيت أن أرثيه في (الرسالة) لأحدث عنه إخوانه في سائر الأقطار العربية.
وسأرجع إلى الحديث عنه مرة أو مرات لأبين ما صنع هذا الفقيد العزيز في خدمة العروبة والإسلام والإنسانية.
نفعني الله بدعواتك، يا محمد، وحرمني فيك العزاء، فما أحب أن يكون لي فيك عزاء.
يا محمد، وما أجمل اسمك!
أحبك وأشتاق إليك، وأحب من أجلك ذاويات الأزهار، وهاويات الكواكب، فاذكرني عند ربك يا أصدق صاحب وأشرف صديق. وسلامٌ عليك من صفيّك وأخيك.