والألمان والفرنسيين قد حافظوا على هذا التقليد حينما نقلوا تلك الدرامات إلى لغاتهم شعراً
وقبل أن نختم هذا الفصل نرى ألا يفوتنا أن نشير إلى حرية الرأي الكاملة عند هذا الشعب الأثيني الراقي العظيم. . . تلك الحرية العجيبة غير المحدودة - إلا ما سلفت الإشارة إليه في تناول بعض المشكلات السياسية - التي كان ينعم بها المؤلف والخطيب والمحاور وكل فرد من أفراد ذلك المجتمع الأثيني المهذب
لقد نشأت الدرامة اليونانية نشأة دينية بحتة. . . لكن المجتمع الأثيني لم يكن مجتمعاً دينياً متزمتاً. . . ودينه لم يفرض عليه طقوساً يومية من العبادات، وإن كنا نحن نؤمن إيمانا مطلقاً بما لهذه الطقوس من الأثر الجميل في مجتمعنا. . . لكنهم هكذا نشأوا. . . نشأوا وثنيين في عشقهم للجمال والحرية ومحبة العدل وإيفاء كل ذي حق حقه. . . احترموا الموت ولم يفكروا فيما وراءه، وآمنوا بالقضاء والقدر إيماناً إيجابياً لا إيماناً سلبياً مثل إيمان بعضنا بهما. . . ومن هنا نبعث روائع دراماتهم. . . لقد كان كل ما يأمرهم دينهم به هو تقديم القرابين وعقر الأضاحي. . . ثم دفن الموتى. . . فمن لم يدفن بعد موته أو قتله ظلت روحه هائمة في الظلمات عابسة كاسفة حتى يدفن صاحبها فيؤذن لها في دخول هيدز. . .
هذا كل ما فُرض عليهم من أمر دينهم. . . ومع ذاك فقد فهم أحرارهم هذا الدين الأسطوريّ على وجهه الحق فلم يبالوا أن يزيفوه ويتناولوا آلهته بالنقد والتخطيء والتسفيه والسخرية أحياناً. . . كما سيمر بك فيما يلي