التعويضات غير مرة، ولكن ألمانيا لبثت تصر على وجوب التحرر منها، وقالت كلمتها الرسمية في ذلك منذ سنة ١٩٣٢ في عهد حكومة الهرفون بابن، وانتهت جهودها في هذا السبيل بعقد مؤتمر لوزان في صيف سنة ١٩٣٢، وخرجت ألمانيا من المؤتمر ظافرة بتقرير وجهت نظرها، ووافقت دول الحلفاء في البروتوكول الذي عقده المؤتمر على مبدأ إلغاء التعويض نظير قدر محدد تؤديه ألمانيا لا يتجاوز عشر ما كان مطلوب منها، وألقت ألمانيا في ذلك الحين أيضاً دعوتها إلى نزع السلاح الحقيقي طبقاً لما نصت عليه معاهدة الصلح، أو إنها تعمد من جانبها إلى تسليح نفسها تحقيقاً لمبدأ المساواة ومقتضيات الدفاع القومي.
كانت مسألة التسليح إذن أهم مشكلة دولية تواجهها ألمانيا عند قيام الحكومة الوطنية الاشتراكية، ومسألة الدفاع القومي من أهم المسائل التي أثارتها الوطنية الاشتراكية وخصتها بكثير عنايتها، والوطنية الاشتراكية أشد ما تكون بغضاً لمعاهدة فرساي واحتجاجاً على نصوصها وفروضها الظالمة، وهي تعتبرها مصدر كل مصائب ألمانيا، متاعبها، وترى وجوب إلغائها أو تعديلها على الأقل تعديلاً يتفق مع كرأمة ألمانيا وحاجتهاالقومية، وألمانيا تجاهد في هذا السبيل منذ أعوام، وقد استطاعت في الواقع أن تظفر بتعديل كثير من نصوص المعاهدة، ولكنها لم تستطع أن تحقق شيئاً في مسألة نزع السلاح والدفاع القومي.
ولألمانيا في مسألة نزع السلاح نظرية تستمدها من معاهدة الصلح ذاتها، ذلك إن معاهدة الصلح قضت بتجريد ألمانيا من سلاحها، وحددت جيشها العامل بمائة ألف، وحصرت حقها في اقتناء الذخائر والأسلحة في أضيق الحدود، وحرمت عليها أنواع الأسلحة الضخمة، وأنزلت أسطولها إلى وحدة بحرية ضئيلة وحرمت عليها إنشاء الطيارات الحربية، وقضت عليها بإلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية، وحرمت عليها إنشاء أية تحصينات على حدودها الغربية عل بعد خمسين كيلو متراً من شرق نهر الرين، وغير ذلك من الفروض المرهقة التي تجعل ألمانيا من حيث الدفاع القومي أضعف من أية دولة ثانوية، وتجعلها غير قادرة على الدفاع عن نفسها إزاء الطوارئ. (معاهدة فرساي - القسم الخامس - المادة ١٤٩ وما بعدها). ولكن ميثاق عصبة الأمم الذي هو قطعة من معاهدة الصلح ينص من وجهة نظر