للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الغربيين من يتعمد التحريف في أخباره لأنه يخشى أن (يخيب أمل) القراء فيه إذا أصغوا إليه ليحدثهم عن شعوب الشرق وأحوال الإسلام فإذا هو يحدثهم بما يألفونه ولا يستغربونه ولا يحققون به تلك الصور المزخرفة التي طالما تخيلوها وحلموا بها وهم يقرءون ألف ليلة وليلة ويستعيدون ما نقل إليهم من أقاصيص الرحالين في الزمن القديم.

أما غير المقصود من الأسباب فمنشأه قلة الاكتراث وصعوبة البحث وعزلة المسلمين في العصور الماضية وسماع أخبارهم من جهلاء بينهم لا يفقهون أسرار دينهم ولا يبالون ما يهذرون به من عقائدهم وعاداتهم ولا يدركون الفرق بين ما تعودوه ودرجوا عليه وبين ما هو من حقائق الإسلام وشعائره الصحيحة.

على أن الذي يعنينا حق العناية هو أن نعلم نحن حقيقة الغربيين، لا أن يعلموا هم حقيقتنا، وينفذوا إلى الصحيح من أخبارنا ومقاصدنا، وإن كان علمهم بهذا نافعاً لنا كلما تيسرت وسائله في أيدينا.

والذي يبدو لنا من العلم بحقيقة القوم أن العالم الإسلامي خليق أن يعامل كل من يعامله منهم على سنة الإنصاف والمنفعة المأمونة العواقب، وكل ما ينبغي أن يحذره هو الإصغاء إلى دعاة الشيوعية والإصغاء إلى دعاة الفاشية، وأن يكون ذنباً في أعقاب الديمقراطية، فإذا استطاع أن يمشي مع الأمم الديمقراطية الحرة في الطليعة فلا عليه بعد ذلك أن يعامل من يشاء على سنة الإنصاف والنظر البعيد إلى العواقب الأمور.

عباس محمود العقاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>