غيظها وخوفها من فوات الحطام انفعالاً شديداً تحاكي به الغيرة على الدين وقلما تستطيع النفس الصادقة في تدينها محاكاة ذلك الانفعال الدنيوي الذي تمده الحياة بقوتها لأنه في طلب أمور الحياة. وقلما تستطيع تمييزه إلا إذا كان لها نصيب من الخبرة بعلم النفس وتطبيقه على أساليب النفوس ووسائلها وهي خبرة لابد منها لصيانة روح العقيدة المحمدية السامية.
ومن الأخطاء التي يقع فيها المفكرون وغير المفكرين أن يحسبوا أن الإنسان على مستوى واحد لا يتغير من حيث روح الدين في نفسه ومن حيث فضائله، والحقيقة هي أن النفس الإنسانية في الحياة كالطائرة الهوائية التي تصادف جيوبا هوائية كثيرة مختلفة الضغط الجوي فتظل ترتفع وتنخفض فجاءة، ولكن كل إنسان يريد أن يستثمر ارتفاعه لمغالطة الناس كما قد يغالطهم في انخفاضه ويعده ارتفاعاً ويوهم أنه كذلك بقوة الإيحاء. وهو لو قصر المغالطة على قوة الإيحاء لهان الأمر ولكن أشد الضرر بروح الدين أن يتخذه المرء وسيلة للإشادة بعلو قدره وإعلان انحطاط قدر عدوه أو عدو صديقه أو عدو قريبه أو من يعاديه قريبه فيصبح الدين في نظره قوة دنيوية للكسب كقوة المصاهرة أو المسامرة أو كقوة المال.