ولكن روح الحق لا تموت، وعين العدالة الإلهية لا تنام، وما كان الله ليضيع إيمان الناس وهو الذي تعهدهم بالرسالات كلما ضللتهم قوى الشر عن طريقه. ولذلك ابتدأ يزلزل عناوين النظم الأوربية ويضرب بعضها ببعض أمام أعين المسلمين حتى يعود لهم يقينهم بثبات عناوين الإسلام
ولا يزال روح الحق الذي تمثل في رسول الله صلى الله عليه وسلم يجذب إليه الأفكار الحائرة والقلوب الضالة التي تبحث عن الحق والسلام. فتقيم له موازين الإنصاف بعد الإجحاف. ويخطئ من يضن أن الإسلام قد انقضى عهد عزته في القلوب والعقول، فإن عزة الإسلام لا تكون إلا في أيام العلم والحرية، ولا يذل إلا في أيام الجهل والاستبداد
هانحن أولاء نرى من سير التاريخ الحاضر أنه كلما تقدم الزمان بالمسلمين خطوة إلى العلم والحرية، تقدم بالإسلام إلى الحسنى
إن رسالة محمد ليست تبنة تذهب في الريح أو ورقة جافة تحرق في موقد، أو بدعاً من بدع الزمان يذهب بذهاب جيل وفناء قبيل وإنما هي مَرَدُّ الحق والخير وخلاصة جهاد الذين جاءوا بهما إلى الناس من عهد آدم إلى يومهم هذا
وإن الذين يعرفون ما في الإسلام من سعة وعمق واستيعاب يدركون تماماً أنه إنما يليق لمثل هذه الأزمنة التي نعيش فيها وما بعدها أكثر مما كان يليق بالأزمنة الماضية
وإن ما فيه من الحرية والمساواة والأخوة والتسامح والسلام والفكر لا يمكن مطلقاً أن يفهم فهماً صحيحاً إلا على ما في عصرنا الحاضر من تجارب. فعلينا أن نفهم ونؤمن به ونعمل له عمل المتقدمين