للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ترى، وجعلت تنظر حولها لتتثبت مما ترى، ولتعلم هل هي في يقظة أو في حلم، ثم صاحت: لويس! أنت حيّ؟

وفهم السلطان القصة فحول وجهه حياء وتركهما يتعانقان. . .

ولما تلفت السلطان وجدهما جاثيين بين يديه يحاولان شكره، فلا تجاوز الكلمات شفاهما إلا وهي جمجمات غامضة، فقال لهما:

- إنّا لم نفعل إلا ما يأمرنا به ديننا؟

قالت المرأة:

- أدينك يأمرك بهذا؟

- قال: نعم، فإن الإسلام رحمة للعالمين، للإنسانية كلها. قالت: أفتضيق هذه الرحمة عن امرأة مسكينة. . . تحب أن تسعد وتحيا بسلام، في ظلال الإسلام؟

فتهلل وجه السلطان، وقال لها: إن رحمة الله وسعت كل شيء

قالت: كيف أغدو مسلمة؟

قال تشهدين أن الله واحد، وأن محمد رسول. لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

فنطقت بها، وتلفتت إلى زوجها فوجدته ينطق بالشهادة

وخرج ويده في يدها يذكران الماضي الحلو، والقرية الهادئة.

- لقد تركنا البنفسج يا هيلانة مخضراً يانعاً، فهل أزهر من بعدنا البنفسج فتضوّع أريجه في جوانب الحديقة؟ وشجرة التفاح هل تدلت ثمارها، وارتخت أغصانها؟ والعين هل بقيت على صفائها. . . أواه يا هيلانة! هل لنا من رجعة إلى ذلك الوادي السعيد وتلك الغابة التي ولد حبنا في جناتها ونما واكتمل؟

- لا يا لويس، إنا لن نعود. إن يكن حبنا قد ولد في تلك الغابة، فإنه قد بعث هنا بعد ما مات. هنا عدت إلي، وهنا عرفت الله، وهنا رأيت النبل والطهر والإنسانية، فلنبق هنا يا لويس. . . أليست هذه هي الأرض التي ولد فيها المسيح؟ إننا لم نخسر المسيح، ولكننا ربحنا معه محمداً!

وتقدم الجيش بعد ساعة، يمشي إلى الظفر مكّبراً مهللاً، وكان لويس في طليعة الجيش!

(دمشق)

<<  <  ج:
ص:  >  >>