العرب، لأنهم كانوا وصلوا إلى غاية عالية من قوة الروح.
ماذا أريد أن أقول؟
أنا أمشي على الشوك وأنا أقيد هذه الفكرة الفلسفية، لأن بني آدم يحتملون جميع الأفكار، إلا الأفكار المتصلة بحيوات الأنبياء
ثم ماذا؟
كان محمد إنساناً قبل أن يكون نبيًّا، وذلك من أعظم الحظوظ التي غنمها في التاريخ، فسيأتي يومٌ قريب أو بعيد يثور فيه الناس على الأمور الغيبية، ولكنهم لا يستطيعوا أن يثوروا على عبقرية محمد.
كان محمدٌ في سريرة نفسه إنساناً يخطئ ويصيب، بدليل ما وُجَّه إليه من اللوم أو العتاب في القرآن؛ وهو قد خضع للضعف الإنساني فذرف الدمع السخين يوم مات ابنه إبراهيم، وهو قد عانى الحب والبغض كسائر الناس، وهو قد توجع من ظلمات الخطوب، وهو قد تألم من غدر الأصدقاء، ثم لم ينج من الكرب عند سكرات الموت
أحبك أيها الرسول!
أحبك لأنك كنت إنساناً له ذوقٌ وإحساس، ولم تكن كما يصوَّرك الجاهلون الذين رأوا عظمتك في أن تكون حاكياً لوحي السماء، وما أُنكر وحي السماء، ولكني أومن بأن في السريرة الإنسانية ذخائر من الصدق والروحانية، وأنت أول نبي أعز السريرة الإنسانية.
أليس دينك هو الدين الذي تفرد بالنص على أن المرء يتصل بربه بلا وسيط؟
أحبك أيها الرسول وأشتهي أن أتخلق بأخلاقك السامية. أحب أن أكظم غيظي كما كنت تكظم غيظك. أحب أن أسلم بجهادي من شهوات النفس كما سلمت بجهادك من شهوات النفس. أحب أن أفرَّ من الشيطان كما فررت من الشيطان، على شرط أن أحب الحياة كما أحببت الحياة
أتدري لماذا أحبك أيها الرسول؟
لأنك أول من شرع الديمقراطية بين الأنبياء. ألست أنت الرجل الذي كان يتبذل في أكله ويقول: