ذلك لآيات للعالمين) بكسر اللام فيهما. ولا يمكن أن يتخيل أحد أن يتجاوز التنويه بشرف العلم هذا الحد
هذا ولم يغفل الإسلام في تطلب ترقية الشخصية الإنسانية شيئاً، حتى الضرب في الأرض، وتعرف أحوال الأمم وطبائعها، ودراسة ما هي عليه من شرائعها وعاداتها، وناهيك بأثر ذلك في ترقية النفسية البشرية، فقال تعالى:(أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها. أو آذان يسمعون بها، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). وقد كرر الحض على السياحة مراراً كثيرة
وأما من ناحية الحركة الاجتماعية فإن الإسلام قد بلغ بها الأفق الأعلى، وأوجد في رابطة الاجتماع تجديداً لم تحلم به الإنسانية بعد، ولا مناص في أنها ستعول عليه في المستقبل، فقد جعلها الإسلام مؤلفة من الأصول الأدبية، والقواعد الخلقية، لا كما كانت قائمة عليه من الحاجات الجسدية، والمقومات القومية. فعل الإسلام ذلك لتشمل تلك الرابطة النوع البشري كافة، وتلاشي في طريقها الفروق الجاهلية القائمة على الجنسية، والخلافات اللغوية واللونية التي كانت ولا تزال عوامل شقاء في بنية الإنسانية، بما تثيره من الحروب والغارات بينها، وما تمحق من روح التكافل والتعاون فيها. فالإسلام لا يعترف بفرق بين عربي وعجمي وصيني وتركي، وجاوي وفرنسي الخ، فالناس كافة في نظره أولاد آدم وحواء، وقد خلقوا ليتعارفوا ويتعاونوا، لا ليتناكروا ويتناحروا، فقال تعالى:(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير)
فالإسلام يقرر أنه مادام النوع البشري واحداً، فيجب أن يكون له دين واحد وغرض في الحياة واحد. وأنت ترى أن العالم كله رغماً عن طغيان العاطفة القومية في هذا العصر، وازدياد عوامل الفرقة والخلاف بين الشعوب، سيضطر إلى التوحد، وستكون هذه الموجة نفسها من الخلاف والتفرق من أكبر العوامل في إيجاد تلك الوحدة المرجوة، لأنها ستتثبت بدليل محسوس أن هذه الوحدة هي العامل الوحيد لنجاة المدنية من التلاشي.
إذا اعتبرت كل ما ذكرته هنا رأيت بما لا يدع شكاً أن رسالة الإسلام لا تزال باقية، وأنها ستبقى ما بقي النوع الإنساني على الأرض. وإنما تزول التعاليم إذا كانت مقدرة على