بالشعر الذي يتسم به أدب أمة مقهورة كأمتنا الراهنة، انه لدولة مرفوعة لواء المجد ممدودة رواق العز كدولة أجدادكم في الشام وبغداد والأندلس لا كدولة الانيار التي تحتها ترزحون، والأصفاد التي حديدها ترسفون.
إن صراخ سوريا وعويلها يكاد يقض مضاجع النائمين في المريخ ودخان غيظها يوشك أن يبطن القبة الزرقاء بقبة سوداء، أفتريدون منا أن نخرج المعجزات فنسمعكم همس الأزهار وسط هذا الضجيج، ونصور لكم ألوان الشفق وراء هذا القتام إن لم نكن غرباء الشعور عن هذه الأمة وإن لم تكن بعيون غيرها نبصر، وبآذان غيرها نسمع، ومثل غيرها ننشد؟ ألا على رسلكم أيها الناقدون! فأما أن تأتونا بغير هذا الإفلاس الوطني آية وإلا فحسبكم تضليلا.
وهبوكم لا تؤمنون بغير الأرض وطنا، وغير الإنسانية عشيرة، أفتعتقدون إن الأرض قد صارت جنة والناس فيها ملائكة ينعمون؟ وإذا كنتم ولا شك تشعرون بفقرها إلى الإصلاح فلماذا لا تباشرونه من اقرب أقطارها إليكم؟ إن الذي يغضب لحق هضم في الصين أولى به أن يناضل لدفع حيف نزل ببلاده، والذي ينفر إلى نصرة مظلوم في آخر الدنيا لحري أن يذود عن ضعيف يصرعه البغي بين شماله ويمينه! إن الحرية هي الحياة بمعناها الشريف وهي أول حقوق الإنسان، فهل من شروط حبكم للإنسانية أن تنكروا الحياة على اقرب أبناء الإنسانية إليكم؟ ألا فاشتروا لوجوهكم براقع أيها المراؤون أو فاستروها بأكفكم خجلا! إن الذي لا يستطيع أن يحب نفسه وأهله فلن يحب من الناس أحداً.
يا أبناء وطني! ويقول لكم صنائع المستعمرين نحن مثلكم نحب الحرية ولكن اين عدتكم للحرب والصدام؟ أين مدافعكم وأساطيلكم وطياراتكم وغازاتكم الخانقة؟ فأقول للرعاديد لا تحتجوا بحاجتكم إلى السلاح فانتم إلى الآباء وعزة النفس أحوج! اشعروا أولا بهوانكم واغضبوا لكرامتكم فإذا فعلتم فأنا الكفيل بأنكم تجدون غير هذه الجبانة جواباً لمن يسألكم أين عدتكم للحرب والصدام! فوالله إنكم بطول نومكم على هذا الضيم واستكانتكم لهذا الذل قد برهنتم على إن اصبر الناس على الكريهة! فلماذا تتقون الحرب؟ أو تخافون موتا شرا من الموت الذي انتم فيه؟!
أفأنتم أكلف بالسلام من مسيح السلام؟ أأنتم أودع من حمل الجلجلة؟ أما غضب فانهال