يتفرجن عن مثل أمير المؤمنين فإنه غير قابل منك ولا مصغ إلى نصيحتك. قاتل الله الشاعر وقد نظر إليك وسنان غزالة الحرورية بين كتفيك حيث يقول:
أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامَةٌ ... فتخاء تفَزَع من صفير الصَّافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى ... بل كان قلبك في جناحي طائر
أَخرجْنَه عني! فدخل إلى الوليد من فوره، فقال: يا أبا محمد! ما كنت فيه؟ فقال: والله يا أمير المؤمنين ما سكتَتْ حتى كان بطن الأرض أحَبَّ إليّ من ظهرها. فضحك الوليد حتى فحص برجله الأرض ثم قال: يا أبا محمد أنها بنت عبد العزيز
ومن مظاهر الترف في دمشق حاضرة الأمويين أنه كان لكل دار فناء مستطيل على جوانبه أعمدة من الرخام ومماش مرصوفة بالحجارة أو الحصباء على أشكال هندسية منتظمة. وفي الفناء نافورة يحيط بها حديقة صغيرة بها الأزهار الزكية الرائحة، وتظلها أشجار البرتقال والليمون، وأمام الباب شباك يوضع فوقه الطست والإبريق للوضوء - وكانت قصور الأغنياء مكونة من طابقين أحياناً - وفي الشتاء تكسى الحجرات بالسجاد الثمين وتدفأ بالمنهل (الموقد). أما في الصيف فكانت النافورات والنوافذ كفيلة بتلطيف حرارة الجو. وكانت سقوف الدار مزدانة بنقوش على الطراز العربي أو مطلية بالذهب. ولم تكن هناك مقاعد، فإذا كان صاحب الدار من أصحاب اليسار، وضعت السجاجيد بعضها فوق بعض لتكون بمثابة مقعد له
وكان قصر الخليفة الأموي بدمشق غاية في الأبهة. وقد ازدانت جدرانه بالفسيفساء، وأعمدته بالرخام والذهب، وسقوفه بالذهب المرصع بالجواهر. وقد لطف جوه النافورات والمياه الجارية والحدائق الغناء بأشجارها الظليلة الوارفة. وقد شيد الحر بن يوسف حفيد مروان بن الحكم الذي ولي بلاد الموصل في عهد هشام ابن عبد الملك، داراً منيفة من الرخام الخالص والمرمر، عرفت بالمنقوشة لما تمتاز به من النقش البديع، كما بنى خانات (فنادق) في الموصل. وقد رأى الحر ما يعانيه أهل الموصل من المشاق في سبيل الحصول على ماء الشرب، فشق قناة لا تزال باقية إلى اليوم؛ وغرس الأشجار على ضفتها حتى أصبحت بمثابة متنزه عام لأهل المدينة
وكانوا يرتدون العباءة فوق القباء ويصنعونها من وبر الجمل. وكانوا يرتدون في الحرب