للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضلال. وكان إيمان سعيد واستجابته لدعوة الحق امتداداً لدعوة أبيه في الجاهلية وصفحةً مشرقة من التاريخ تنضمّ إلى صفحات!

ثم دار الفلك دورة، وإذا فتى عارمٌ من فتيان قريش يدخل دار سعيد متوشحاً سيفه، وفي عينيه شرٌّ وعلى لسانه وعيد، فما إن رآه سعيد وزوجه حتى سكت القرآنُ وخَفَتَ الصوت وانكمش بعضٌ في بعض؛ وأوشكت أن تنقض صاعقة تزلزل أركان الدار المؤمنة. . .

يا عجبا! ما بال هذا الفتى قد نسي ما جاءَ له وَرَقَّ بعد عُرام وعنف؟ هل كان يقصد إلا هذا الفتى العربيَّ وزوجَه، أن ينالهما بأشد الأذى على ما صَبَآ وفارقا دين قومهما؟

هاهو ذا في موقفه منهما خاشع الطرف يتلو من صحيفة في يده:

(بسم الله الرحمن الرحيم. طه. مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتشْقَى. إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى. تَنْزيِلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأرْضَ وَالسَّموَاتِ الْعُلَى. . .)

فما يكاد يفرغ من تلاوته حتى يلتفت إلى خَتَنِه سعيد وأختِه فاطمة بنت الخطاب يقول:

(دُلاَّني على محمد حتى آتيه فأسلم!)

ذلك عمر بن الخطاب وتلك دار سعيد بن زيد بن عمرو؛ دخلها دخول الفاتك المتقحم لا تهدأ نفسه إلا أن يريق دما؛ فما احتوته الدار حتى كان عمرُ غيرَ عمر!

إن في بعض الأمكنة لَسرّاً يهمس، ونجوى تخافت؛ وإن في هذا الدار. . .!

وجلس سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل، وعمر بن الخطاب ابن نفيل، مجلسهما إلى رسول الله غدوة، فقالا: (يا رسول الله استغفر لزيد بن عمرو!)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم، فإنه يبعث أمةً وحده!)

رحمة الله عليه

محمد سعيد العريان

<<  <  ج:
ص:  >  >>