إذا أغلقت جميع نوافذ حجرة وتركت ثلمة صغيرة فيها ووضعت خلفها حاجزاً كلوح من الخشب شاهدت تكون صورة عليه للمرئيات التي خارج الحجرة وهذه تكون مقلوبة ويمكن إثبات ذلك عملياً (شكل ٤) فإنك إذا ثقبت لوحاً رقيقاً من المعدن عند (ث) وثبته على حامل ووضعت شمعة موقدة (١ب) أمامه وحائلاً من الورق الأبيض خلفه تتكون على الحائل صورة مقلوبة للهب الشمعة هو (اب) ويعلل ذلك بأن الأشعة تتفرق في جميع الجهات من كل نقطة من نقط الجسم المضيء، ومن هذه الأشعة تنفذ حزمة صغيرة للغاية من الثقب فيخرج من (ا) شعاع ينفذ من الثقب ويسقط على الحائل فتتكون عليه صورة (ا) لهذه النقطة وكذلك يخرج من (ب) شعاع ينفذ من الثقب ويلاقي الحائل في (بَ) تكون هي صورة النقطة (ب) وبالمثل تتكون على الحائل بين (ا، ب)، صورة لجميع نقط اللهب الأخرى بين (ا، ب)، وإذا كان الثقب ضيقاً كانت الصورة واضحة ومحدودة، وإذا كان الثقب متسعاً كانت الصورة غير واضحة وغير محدودة. ويرجع انقلاب الصورة إلى انتشر الأشعة الضوئية في خطوط مستقيمة وتقاطعها عند الثلمة، فالأشعة الآتية من الأجزاء العليا تقابل الحائل في أجزائه السفلى، وبالعكس الآتية من الأجزاء السفلى تلاقي الحائل في أجزائه العليا والأشعة الآتية من الأجزاء المتيامنة تقابل الحائل في أجزائه المتياسرة، وبالعكس الآتية من الأجزاء المتياسرة تلاقي الحائل في أجزائه المتيامنة فتكون الصورة مقلوبة من عامة الوجوه، وإليك قول ابن الهيثم في هذه الظاهرة:
(. . . وبعد ذلك نقول: كل صورة مضيئة قابلت ثقباً مستديراً في غاية الصغر فإن المخروط المتشكل بينها وبين مركز الثقب ينفذ إلى السطح الموازي ويحدث ضوؤها على السطح على شكل شبيه بشكل الصورة، لكنه يكون معكوساً، ولنسمه الضوء المتوسط، فإذا تعددت الصور المضيئة تعددت أضواؤها المتوسطة لكن الضوء الحادث من الصورة المتيامنة عن الثقب يتياسر، ويتيامن ضوء المتياسرة، ويتعالى ضوء المتسافلة، ويتسافل ضوء المتعالية
وأشكال الأضواء تشبه أشكال الصور ونسبتها إلى أشكال الصور واحدة، وضوء كل صورة يرد في جميع المخروطات المتشكلة بينها وبين كل نقطة من سطح الثقب إلى ما