للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تحت الشمس المحرقة، وفوق الرمال الملتهبة المتقدة أياماً وأياماً بالعطش والجوع غير الغناء الذي ينسي الإنسان همومه، ويمسح دموعه؟

عرف العربي الترنم بالشعر ولم يكن يدري أن هذا اللون من ألوان الموسيقى صناعة تخضع لقانون معين فاستمر هكذا يغني ويشرب الخمر، ويتعلق بالحب، ويكلف بالصيد والميسر حتى استطاعت القيان التي استقدمت من بلاد العجم والروم بآلاتهن الموسيقية الفارسية والرومية أن يؤثرن في الموسيقى العربية تأثيراً كبيراً.

فنشط العرب في هذا المضمار نشاطاً عظيماً، وإن كان هذا النشاط قد حجبه الكبرياء والتعالي، إلا أن حب الفن تغلب على غطرسة العربي فنهض واستحدث حتى احتفظ لموسيقاه بطابعها العربي الذي ميزها عن غيرها ولا يزال. . .!!

وقد عرف العرب في الجاهلية وصدر الإسلام من الآلات الوترية (المزهر) وهو عود ذو وجه من الرق (والعود) ذا الوجه الخشبي (والجنك) أو الصنج (الهارب) (والمعزف) (والموتر)

ومن آلات النفخ المزمار، والقصبة أو القُصَّابة، والشبَّابة، والصُّور، والناي. ومن آلات النقر: الطبل، والدف، والقضيب - لبيان الميزان أو الإيقاع - والصنوج والجلاجل، والمربع والمجنب!!

انحصر جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم في الذود عن دينه وتبليغ رسالته، ونشر دعوته، وقتال المشركين ممن آذوه وأصحابه في أرواحهم وأموالهم ونسائهم، ولكن هذا لا يمنع أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الموسيقى. فقد كان كلما (هادن) سمع من بلال ابن رباح الحبشي، أول موسيقي مسلم، وأول مؤذن في الإسلام، ترتيله وأذانه بصوت جميل، وبتوقيع وترتيل فني.

ولقد جاءته مرة عائشة رضي الله عنها وقالت: يا رسول الله، لقد أقسمت شيرين مولاة حسان بن ثابت إن رجعت منصوراً من غزوتك أن تغني وتضرب بالرق في بيتنا، فماذا ترى.؟

فابتسم المصطفى وأذن لها وجلس مع حشد من صحابته وفيهم صديقه أبو بكر يسمع شيرين وهي تغني وتضرب بالرق، واستمروا كذلك حتى قدم عمر بن الخطاب فانكمشت

<<  <  ج:
ص:  >  >>