للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شيرين وجلست فوق (رقها) فضحك الرسول وقال:

لقد ذهب شيطانها لما رأى عمر.

فأجابت شيرين: كلا يا رسول الله ولكنه قاس لا يرحم وأنت كريم رحيم!

فضحكوا جميعاً حتى عمر.

ولقد اتسعت فتوح العرب أيام عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين وانتفع العرب بمدنيات البلاد المغلوبة وحضارتهم ولاسيما الحضارتين الفارسية واليونانية، فتأثر العرب من اختلاطهم بهؤلاء الأسرى واهتموا بأمور دنياهم، وأصبحوا ينظرون إلى الموسيقى نظرة جديدة خالية من الغلو والشطط حتى ارتفعوا بها على الشعر والأدب، وحتى غدوا لا يرون بأساً ولا ملامة في أن يحضروا مجالسها. وقد كان حسان بن ثابت رضي الله عنه يسمع من مولاته شيرين ومن رائقة سيدة المغنيات وقتئذ وتلميذتها عزة الميلاء وكذلك كان حال أشراف العرب وساداتهم. . .!

وأحسب أن عصر ابتداء النهضة الحق ابتدأ في خلافة علي كرم الله وجهه. ولعل حبه للشعر وهو لون من ألوان (الفن) أكبر حافز. على أن هذه النهضة لم تؤت ثمرها اليانع إلا في الدولة الأموية عندما اتسعت الفتوحات شرقاً وغرباً. وقد ابتدئ في وضع الألحان العربية في هذا العصر على إيقاعات متعددة، وورد في غنائه ذكر إيقاعات (الثقيل) الأول و (الثقيل) الثاني، وخفيف الثقيل، والهزج، والرمل

وأشهر الموسيقيين في هذا العصر هو (سائب خاثر)، وهو أول من غنى في المدينة بالعربية مستعملاً العود. وقد أخذ عنه ابن سريج، ومعبد، وعزة الميلاء، وجميلة!

ومن المشهورين أيضاً ابن مسجح أول من نقل غناء الفرس إلى غناء العرب بمكة. وقد ابتدع مذهباً خاصاً وطريقة جديدة تأثر بها وأخذ عنها ابن محرز ومعبد وابن سريج والغريض

وقد بلغ من اهتمام الأمراء والحكام بالموسيقى أن الخليفة عبد الملك بن مروان نفسه كان موسيقياً وملحناً. وقد اشترى يزيد بن عبد الملك (حبابة) المغنية بأربعة آلاف دينار مع أنها كانت دميمة متهدمة. . .

ولعل في رعاية الوليد بن يزيد لمعبد وتمريضه إياه وإخلاء جناح خاص له في قصره، ثم

<<  <  ج:
ص:  >  >>