للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجنة وما أعد الله لهم فيها من نعيم مقيم وسعادة خالدة.

ـ انزلوا وأعطوا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق ألا نقتل منكم أحداً. . .

سمع المسلمون هذا البلاغ، فوقفوا واجمين للمرة الثانية، وفكروا في هذا الذي قاله المشركون، أهو قول صدق وشرف، أم هو مَيْن وخديعة؟ ومتى كان المشركون يصدقون في أقوالهم ويوفون بعهودهم؟ وهل يجدر بالمسلم أن يركن إلى مثل هذا الوعد؟.

أسئلة متوالية، جالت في خواطر المسلمين في تلك اللحظة الرهيبة الحاسمة، ولبثت تطلب جواباً، وفكروا قليلاً ثم اتجهوا بأبصارهم إلى رئيسهم ليسمعوا جوابه، وليعرفوا موقفه، فما لبث أن خاطبهم بقوله:

- أما أنا، والله لا أنزل في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك وانتظر المشركون قليلاً، ليعلموا أثر كلامهم في نفوس المسلمين وليسمعوا جوابهم، ولم يطل بهم الانتظار، إذا وجهوا نبالهم إلى صدور المسلمين وأطلقوها فأصابت عاصماً وسبعة من أصحابه سقطوا شهداء في سبيل الله، وطارت أرواحهم الطاهرة لترفرف في سماء الخلود، وتحظى بنعيم الله الأبدي، وبقي منهم ثلاثة لم يكتب لهم أن ينالوا ما نال إخوانهم من شرف الشهادة، فأرادوا أن يضحوا بأنفسهم في سبيل تجربة أحبوا أن يقوموا بها، وفي سبيل درس رغبوا أن يستفيد منه المسلمون بعدهم؟ ترى هل يفي المشركون بتعهدهم ويصدقون وعدهم؟ ما دمنا على أبواب الآخرة فلنقم بهذه التجربة، ونزلوا فسلموا أنفسهم على العهد والميثاق، ولم يكد المشركون يستمكنون منهم ويعلمون أنهم صاروا في قبضتهم حتى أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فصاح أحد المسلمين:

- هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن لي أسوة بأصحابي الذين قتلوا.

وأبى أن يسير معهم فقتلوه، وساقوا الاثنين الباقيين، وكان أحدهما يدعى خبيب بن عدي، صمم على أن يتم التجربة التي بدأ بها مهما كلفه ذلك من المتاعب ليرى نتيجتها، وليختم الدرس الذي أحب أن يستفيد منه المسلمون.

- من هذا الذي أراه عندك يا ماوية؟

- هذا أسير لدي. ألا ترين القيد في رجليه؟

- ما أسمه؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>