تتمتع إيران بفضل ارتفاعها عن سطح البحر كثيراً واتساع رقعتها بمناخين متمايزين، أحدهما المناخ المعتدل، وثانيهما المناخ الاستوائي. وقليل من بلاد العالم في مثل اتساع رقعتها يستطيع أن يزهى بمثل هذا التباين في المناخ، فبينا تكثر الأمطار في الولايات الشمالية الثلاث التي تحد بحر الخزر، فإنها لا تسقط في الجنوب إلا في فصل الربيع. أما هضبة إيران نفسها فإنها منطقة المناخ المعتدل.
وإيران من البلاد ذوات المدنيات القديمة، فالاكتشافات التي تمت حديثاً في السوس تدل بجلاء على أن العلاميين وهم من الجنس الآري قد بلغوا مدينة مزدهرة في عهد يمكن تحديده بأربعة آلاف سنة قبل المسيح.
وقد حل الفرس أول ما حلوا بالقرب من إيلان على هضبة إيران، ثم قام واحد منهم فنال السلطان، ثم جاء بعده شيروس فتوج ملكاً عام ٥٥٨ قبل الميلاد، وقوض إمبراطورية ميديا بعد عام، وبعد أن تحالف مع الكلدانيين والمصريين دمر سطوة كريزوس ملك ليديا الذي كان يقلقه، ثم فتح آسيا الصغرى ولم يلبث أن صار سيد كل آسيا الشرقية بلا منازع وكون إمبراطورية لم يسبق أن كان لها مثيل.
على أن إمبراطورية إيران بلغت ذروة المجد تحت حكم داريوس الأول، ونالت التنظيم الإداري الكامل واتسعت آماد حدودها اتساعاً كبيراً.
ولم يعرف العالم ملوك إيران بالفتوحات فحسب، بل عرفهم كذلك بما بذلوه من الجهود لرخاء أمتهم.
واحتفظت إيران في جميع العهود، حتى في العهد الإسلامي، بطابعها واستقلالها الوطني، فقامت تحت حكم الصفويين وخاصة عباس العظيم بتقدم باهر، وبلغت الهندسة والفن أوجهما في عهده
لكن إيران أخذت تنزوي بعد ملوك الصفويين شيئاً فشيئاً عن العالم، وبدأت طرق القوافل القوية الجميلة تعبث بها أيدي الإهمال، وتناسى آخر الملوك القاجاريين الفوائد التي كانت تعود على البلاد من موقعها الطبيعي في طريق مرور التجارة، ودفعوا أمتهم بسبب عدم قدرتهم إلى الانحطاط، لأن الرجل القوي الممتاز كان ينقصهم. . . إلى أن وجد العاهل الحالي، فكون رضا شاه، تحت اسم بهلوي الأول، الأسرة الحاكمة الجديدة. وسيسجل