التاريخ بحروف كبيرة اسم هذا الشاه العظيم الذي جمع في شخصه رئيس الجيش والمشرع والمنظم والمصلح.
ينحدر جلالة الإمبراطور من أقدم وأنبل أسر إيران التي قطنت البلاد منذ أبعد العصور، وجلالته من مقاطعة سافادكوه التي يمثل أفرادها أنقى العناصر الإيرانية التي عرفت على مدى عصور التاريخ وفي مختلف الحوادث بالبطولة تارة وبالوطنية أخرى.
وانتظم في السلك العسكري طبقاً لتقاليد أسرته، فتقلد المناصب المختلفة فيها ودرج في مراتبها حتى ولي قيادة الجيش العامة، ثم لم يلبث أن قلد منصب وزارة الحربية إلى أن تولى العرش في نهاية عام ١٩٢٥.
ومنذ ولي الملك أيقظ روح النشاط الكامنة في شعبه بعد أن أشفى على الهوة وأحيا أملها وقوى يقينها، وبدأت الإصلاحات تتوالى في جميع نواحي النشاط الوطني.
لكن عمله لم يقتصر على إمداد شعبه بأمل وتأييده بنفسه في تحقيق الإصلاحات فإن أكثر أثره في وضعه الأسس القوية لقيادة شعبه نحو مستقبل رخي عظيم جدير بماضيه المجيد.
وكانت أولى جهوده العناية بالجيش، فأصدر قانون التجنيد الذي يلزم كل إيراني بالخدمة في الجيش، وأنشأ المدارس العسكرية وأرسل البعثات إلى أوربا لاستكمال التعليم العسكري؛ ثم وجه التفاته نحو تكوين قوة الطيران العسكري؛ وفي طهران مدرسة يذهب عدد وافر منها كل عام إلى أوربا. ثم أنشأ القوة البحرية لتأمين الشواطئ الإيرانية فاستطاع أن يحقق طمأنينة البلاد منذ سنتين.
وأما عمله في ميدان السياسة فإنه استطاع أن يعقد اتفاقات عادلة على أساس من المساواة بدل تلك الاتفاقات الجائرة التي فرضتها الدول الأجنبية على بلاده في عهد تدهورها.
وأولى أمور العدل عنايته كذلك، فقام فيها بإصلاح كبير وسن القوانين في زمن وجيز، كان منها القانون المدني والتجاري والتحكيم الإجباري كما وضع المحاكم الدينية تحت رقابة الحكومة الرسمية وحدد لها اختصاصاً ضيقاً؛ ثم استطاع أن يلغي في عام ١٩٢٧ القضاء القنصلي والامتيازات الأجنبية.
ونالت مالية البلاد إصلاحات هامة فتعادلت الميزانية بعد استتباب الأمن وانتظام الحكم، وبعد أن كانت الضرائب لا تجبى أو سيئة الجباية لضعف الحكومة واختلال الأمن.