ومع كل ذلك فليس ثمة سبب جدي لهجر كون محدود وحيز متكور، للرجوع إلى حيز أقليديسي غير محدود وهو بهذا غير معقول، ما دام العلم النظري يجيز الحيز الجديد والعلم التجريبي يحتمه.
هب أن أحد المؤرخين، مهما علت مكانته، وصف لنا مقبرة خوفو بالجيزة مخروطاً قائماً في الصحراء، وهب أننا رأينا رأى العين أن هذه المقبرة تمثل شكلا هرمياً، له قاعدة وأربعة أوجه، فليس لنا أن نواصل وصف الأهرام كمخروط وهو ليس بمخروط
ومهما يكن من عدد ملايين النجوم والسدم، أليس أقرب للذهن تصورها على كرة محدودة عن تصورها منتشرة في فضاء لا نهائي؟ هذه اللانهائية تتضاءل يوماً بعد يوم، وإذا كانت هذه المجموعة يبتعد بعضها عن بعض، فبدهي أنه يلزم لها حيز يكبر بحيث يقبل هذا التباعد، ومن السهل أن نفهم ذلك لو تصورنا مخلوقات عديدة موزعة على الأرض. إن هذه المخلوقات لا يمكنها أن يبتعد كل واحد منها عن الآخر، دون أن تقترب في نفس الوقت من أي كائن على الأرض، إلا إذا تصورنا إن الأرض أن نفسها تكبر.
هذا هو الكون يدلنا العلم أنه محدود وأنه يمتد في جميع أنحائه، على نحو كرة المطاط السابقة، أو حبائل الصيد المتقدمة، قد تدل الأيام على خطأ في هذا التقدير، وقد تظهر هذه المسائل في يوم آخر بلون جديد، ولكن إذا أردت أن تعرف شكل الكون من هؤلاء الذين شغلوا أنفسهم بدراسته، فقد دللتك على آرائهم، وليس أمثال دي سيتير وأينشتاين وأدنجتون وغيرهم ممن لا يقام لرأيهم وزن، وغايتي بعد الذي وصلنا إليه أن أشرح للقارئ النتائج التي ترتبت على هذه الظاهرة الجديدة - ظاهرة تمدد الكون - نتائج أهم ما فيها الوصول لعلاقة بين الكون في مجموعه، وبين الذرة والإلكترون، أي بين الكون وأصغر ما فيه، بل الوصول إلى معرفة عدد ذرات وإلكترونات الكون مهما كان هذا الكون عظيماً.