أيدري القارئ لم اضطر الشارحان إلى تقييد كلمة قبل بكسر ففتح؟ ذلك لأنهما أرادا أن ينفيا شبهة قراءتها بضمتين فيقع المحظور الذي تتوقاه وزارة المعارف. ولكني أقول إن هذا الضبط الذي قصد به لفت النظر والفكر عن شيء غير لائق كان أدل شيء على ذلك الشيء. فأي داع إلى التزام هذا اللفظ خصوصاً بعد تنبه الشارحان إلى ما فيه من خطر على الطلاب والطالبات؟ لا نرى ذلك الداعي إلا وقوفهما عند ألفاظ المعاجم لا يرميان منها ولو قيد أنملة. وفي ألفاظ: جهة المرأة أو ناحية المرأة أو جانب المرأة ما يغنينا عن قولهما بكسر ففتح بين قوسين.
ومن ذلك أيضاً قولهما في حاشية ص ١٧٦:(٦) المذاكرة مفاعلة من الذكر (بكسر فسكون) وهما لم يقيدا المفاعلة بأنها من الذكر (بكسر فسكون) إلا احترازاً من مفاعلة أخرى يكون الذكر فيها بضبط أخر غير ما ذكرا، وقد كان نفي هذه الشبهة أدعى إلى الوقوع فيها. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ولا نترك هذا المقام حتى نأتي فيه على أكثر ما لاحظنا من الجمود اللغوي لتكون تلك الملاحظات مجتمعة، وبذلك نكون قد عدنا إلى التبويب الذي رأينا ألا نتبعه في نقدنا هذا.
من الوقوف عند ألفاظ المعجم أن ترى الشارحين قد ألغيا عقلهما الحصيف ففرقا بين ما لا فرق فيه وعرفاً بما لا تعريف به، وظننا بعد ذلك أنهما قد أبليا عذراً في الشرح وحققا ودققا إلى أبعد غايات التحقيق والتدقيق.
وقبل أن نحتكم إلى الطبيب الشرعي أو الجراح العالم بتشريح الفم أؤكد وأشدد أنه لا فرق بين العبارتين وأنا أخالف مقدماً كل من يحاول إثبات فرق بين أقصى قعر الفم وأقصى الحلق.!!
كذلك تسمع قولهما في ص ١٦١ عند قول الجاحظ فيمن لم يتخذ بناء البيوت للاستغلال وآثر دفع السكنى بأجر (وأنه قد أمن من الحرق والغرق وميل أسطوان وانقصاف سهم واسترخاء أساس) فهما يقولان: (٦) السهم جائز السقف أو جائزته فماذا استفدنا نحن من تذكير لفظ جائز مرة وتأنيثه أخرى، ما دام المعنى قد صار أغمض مما كان؟ فهل يعقل