هذه غلطة لو ضبطها أحد المفتشين لمعلم صب عليه غضبه وأعاده من الثانوي إلى الابتدائي وحرمه من العلاوة حين يجئ دوره فيها، بل إذا وقع فيها تلميذ في امتحان الابتدائية وكان نجاحه يتوقف على التسامح فيها لم ترض للمفتش غيرته على العربية أن يتسامح فيها ورسب التلميذ من أجل ذلك في الامتحان، وربما كان رسوبه قضاء على آماله فانتحر ولكننا نرى الشارحين قد وقعا فيها وأكداها بالتفسير والتعليق ومع ذلك لم ينقلا من عملهما ولم يحرما علاوة لهما، ولم. . . الخ.
وفي الصفحة عينها ينقل الجاحظ قول بعض الحكماء لرجل اشتد جزعه من بكاء صبي له:(لا تجزع فإنه أفتح لجرمه وأصح لبصره) فيعلق الشارحان على ذلك بقولهما:
(١٣) أفتح لجرمه، الجرم الجسم وأفتح له: أعظم إنماء له. والمعجم الذي نقلا منه أن معنى الجرم الجسم، هو نفسه المعجم الذي يفسر الجرم بالحلق. فانظر إلى أي حد يتخط الصواب مع وضوحه، ويجنح للخطأ مع شناعته وبعد تصوره؟!!
وقبل أن تختم مقالنا هذا نرجو من حضرة صاحب المعالي وزير المعارف أن يلقي باله إلى كلامنا ويقيسه بمقياس العلم الذي ينشره أو الجهل الذي يحاربه. فوزير المعارف حريص على الحقائق خصوصاً إذا كان قد دفع من خزانة الدولة ثمناً باهظاً لها.