التقرير يزلزل الأرض تحت قدمي في بغداد، واضطرني ذلك إلى الدفاع عن نفسي أمام (نادي القلم العراقي) وفيه كثير من الأطباء، فتقبل الزملاء دفاعي بأحسن القبول. ومن ذلك عرفت أن الأطباء قد يحسون معاني الإنسانية حين يتصلون برجال الأدب والبيان
وما أخفي عليكم أني كنت أعرف أن اهتمامي بمداواة ليلى سيعرضني لكثير من المكاره، فهدتني الفطرة إلى أن أحتاط لنفسي فأوهمت أهل العراق أني أديب عظيم، واستطعت بذلك أن أتصدر لتدريس الأدب العربي بدار المعلمين العالية، على قلة ما أملك من الذخائر الأدبية، وقد أعانني الله تباركت أسماؤه على تحقيق ما ادعيت، فألقيت على تلاميذي وعلى جمهور أهل العراق محاضرات أسبوعية بكلية الحقوق كان لها في آذان أدباء بغداد رنين أي رنين
ولم اكتف بذلك، بل بالغت في ستر الموقف فأنشأت الفصول التي رأيتموها في كتاب:(وحي بغداد).
فأن عجبتم من أن أوفق إلى ما وفقت إليه في زمن لا يزيد عن تسعة أشهر فتذكروا أن الإخلاص قد يزعزع رواسي الجبال
أليس من العجيب أن أهاجر إلى بغداد وأنا طبيب فأرجع وأنا أديب؟!
ولكن ما الذي ستقرءونه في هذا التقرير الذي تعد صفحاته بالمئات ويقع في ثلاثة أجزاء؟
من المؤكد انه يغاير التقارير التي أقدمها إلى مكتب تفتيش اللغة العربية من أسبوع إلى أسبوع
ستجدون في هذا التقرير صراعاً مروعاً بين الحلم والجهل، والرشد والغي، والهدى والضلال. وستجدون فيه ما هو أخطر من ذلك: ستجدون فيه صراعاً بيني وبين نفسي، والجهاد الأكبر جهاد النفس، كما قال الرسول
سترونني هززت شجرة النفس الإنسانية هزة عنيفة لأعرف ما تحمل من الثمار المعطوبة والثمار الصحاح
سترونني صنعت بالقلوب والنفوس ما تصنع الأعاصير بالشجر والنبات لا ينجو من عنفها إلا القوي المتين
فإن رأيتموني قدمت إلى أصونة وزارة المعارف تقريراً لم تعرف مثله قبل اليوم فاجزوني