للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من ملايين الملايين العوالم - كل عالم مكون من ملايين الملايين الأجرام والشموس.

ولكن لا أريد أن يعجب القارئ لذلك فإنه على قدر المستندات العلمية التي أمامنا تكون درجة معرفتنا للأشياء صحيحة.

هب جدلاً أن صديقاً لك شيد مسكناً خاصاً في إحدى ضواحي القاهرة، وأنك عثرت في أوراق صديقك على مستندين: أحدهما يدلك على أن الأرض والمباني قد كلفته ثلاثة آلاف جنيه، والثاني يدل على أن الأثاث قد كلفه ألف جنبه أخرى، عندئذ تستطيع أن تؤكد أن هذه الدار كلفت صاحبها ٤٠٠٠ جنيه

وهب أن صديقاً آخر سألك عن تكاليف حجرة المكتب بمفردها أو عن القيمة التي دفعها ثمناً لأشجار الحديقة أو لسجادة موجودة في غرفة الاستقبال، فإنه يتعذر عليك عندئذ أن تعرف أيا من هذه. قد تحاول أن ترجع إلى أسعار السوق لتعرف كم كلفته هذه السجادة الفاخرة، ولكن يعوزك مثلاً معرفة التاريخ الذي اشتراها فيه، وقد يعوزك إن عرفته تعيين الظروف التي اقتناها فيها، فقد يكون ابتاعها في مزاد تصادف وقوعه في ذلك التاريخ، وقد يكون المزاد خاصا بصديق له فلا تعرف أن كان تساهل معه في تقدير الثمن: ثمة عوامل عديدة تجعل تقدير ثمن أثاث كل حجرة ضرباً من المحال. ولكن ليس لصديقك أن يدهش إذا علم أنه إن فاتك معرفة ثمن جزئيات الدار، فلا يفوتك معرفة الثمن الكلي لهذه الدار؛ إذ أن من حقك دائماً إن تقول لمحدثك: لا تسائلني عن أجزاء الدار ولا عما تكلف صاحبها لشراء هذه السجادة أو المكتبة، كل هذا لا أستطيع أن أعطيك فكرة عنه، ولكن سلني عن الدار بأكملها أجبك أنني أعرف

هذا ما أود أن يعلق بذهن القارئ، فلسنا في حاجة لأن نتجول في الكون لنعرفه فقد يكون لدى العلماء مستندات جديدة تدل على عدد ما به من إلكترونات أو على طول نصف قطره قبل ابتداء تمده أو درجة تقوس الحيز فيه في الوقت الذي يتعذر علينا أن نعرف فيه عدد الإلكترونات المكونة الأرض أو لمياه النيل أو لمدينة القاهرة

على أنني إن تحاشيت فيما تقدم من مقالاتي أن أشغل ذهن القارئ بالأرقام، أرى لزاماً علي هذه المرة أن أدله على وصف الدار التي يسكنها وعلى حدود المملكة التي هو فرد فيها هذا الكون الذي ذكرنا أنه كروي وأنه يكبر بات أرضاً خصبة للتفكير العلمي. وللقارئ فيما يلي

<<  <  ج:
ص:  >  >>