للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمر قليلاً، ذلك أوزن الأرض معروف بينما وزن مدينة القاهرة أو لندرة غير معروف، بل إن الكثافة المتوسطة للكرة الأرضية معروفة أيضاً وهي تساوي ٥ , ٢٥. ليس المجال هنا لإثبات ذلك. وهكذا يحاول العالم أن يعطينا فكرة تقريبية رغم ما يتخلل الموضوع الأخير من مصاعب، منها عدم معرفتنا مقدار النسب الموزعة بها العناصر المختلفة في باطن الأرض. ومهما يكن من الأمر فإنه يبدو أن الخطأ النسبي في معرفة العدد التقريبي لذرات الأرض بالنسبة للعدد الحقيقي لها أقل بكثير من الخطأ النسبي عندما نحاول عد هذه الجسيمات لمدينة القاهرة.

ولو أننا سألنا العلماء اليوم عن عدد الذرات ونوعها وبالتبع عدد الإلكترونات والبروتونات المكونة للكون، وعن بعض البيانات الأخرى الخاصة به مثل نصف قطرة قبل تمدده ودرجة تقوسه وكتلته وكثافته وغير ذلك لأعطونا الإجابة التي نراها في هذا المقال - إجابة يظهر أنها عند هؤلاء العلماء أقرب للحقيقة من كل تقدير سابق.

وليس السبب في ذلك أننا نرى الكون وحدوده، ولا أننا نعرف أجزاءه جزءاً جزءاً، ولا أننا نحيط بمقدار كل عنصر من العناصر المكونة له، ولكن لأن ثمة معارف في مسائل أخرى مثل تمدده تجعل بين هذه المعارف وبين إلكترونات الكون رابطة تسمح بالوقوف على هذا العدد، بحيث إذا كانت معارفنا في هذه المسائل صحيحة كان عدد الإلكترونات المكونة للكون صحيحاً. ولعل القارئ قد أدرك أن هذه المعارف لا بد وأنها تتصل مباشرة بعلاقة بين الكون في مجموعه وبين الإلكترون المتناهي في الصغر والذي قلنا إنه يدور في المادة حول النواة كما يدور القمر حول الأرض

قد يتراءى للقارئ أن هذا الترتيب غريب لا يتفق مع المنطق في شيء. كيف أستطيع أن أعرف عدد إلكترونات الكون أكثر مما أعرف عدد إلكترونات الكرة الأرضية؟، بل كيف أعرف عدد جسيمات هذه أكثر مما أعرف جسيمات مدينة القاهرة؟ هذه المدينة التي أعرف حدودها أكثر مما أعرف الأرض، وهذه الكرة الأرضية محدودة أمامنا أكثر من الكون. إن طيارا مثل كامبل الإنجليزي قطع دون توقف المسافة بين لندرة ومدينة سدني من أعمال استراليا في ثلاثة أيام وثلاث ساعات، أي أن الطيار يدور في عهدنا حول الأرض في أسبوع واحد. كيف تصعب معرفة عدد جسيمات الأرض عن الكون؟ وهذا الأخير مكون

<<  <  ج:
ص:  >  >>