للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الباب، والشاعر منهمك في الربط. . والفتاة تنتظر. . حتى إذا كان عند الباب دفعت الأم به، فهوى إلى الشارع لا يعي. .

واستفاق الشاعر يبكي. . . فضرب الباب. . . وصعد الزفرات وأرسل اللعنات. . . ولكن لم يجبه أحد. . .

وساد السكون. . . وتلاشت الأنغام. فقد مضى الشاعر في طريقه يذرف الدمع. . . وا رحمتا له!. . . لا رفيق ولا حبيب، لا كأساً يجيش فيها الخمر، ولا فتاة ترهف لأناشيده وأنغامه الأذن

وقالت له نفسه: هيا إلى البحر، فلن يسعك شيء سواه!

وجلس فوق الصخور الشم يستمع إلى تصفيق الموج، ويصغي إلى همس الريح السجواء. . فطرب واندفع يغني، وكان الضباب الهف يغمر الفضاء ويحف بالشطئان، وكانت أشباح الليل ترقص حوله. . هنا وهناك تصعد من البحر وتهبط من السماء!

لقد خيل إليه فجاءة أن طيف الأميرة التي حدث (وانا) عنها يناجيه. . .

ولكن. . . آه! إنه يتذكر الحبل والعقد. . . أهو حبل؟ لا. . . تلك أفعى خرجت الآن من البحر. . . هاهي ذي تحيط به يا لله! لشد ما تخيف. لقد وسعت كل شيء: الأرض، السماء حتى النجوم الخافقات. . .!

ولكن. . لا. . هاهو ذا طليق، فمشى يتماوح ويعربد ويغني

لقد اختطفته الأمواج، وحفت به الأطياف، وحملته الأشباح على الزبد الجياش، وهي تغني. . وتقول:

(هيا لنحمله إلى بنات الهضاب. . . إلى الحسان الراقصات هناك. . . فهو لن يذوق الحب في الأرض. . . لقد دب الفناء في نفسه. . وجثم الظلام فوق قلبه، دعوه ينم. . دعوه يمت. . . دعوه يحلم ببنات الهضاب)

صلاح الدين المنجد

<<  <  ج:
ص:  >  >>