للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال فتى آخر:

- ليست بلاد الصِّبا هذه يا (وانا) إنك لم تخلقي لتصاحبي هذا المجنون!

عندئذ شخصت (وانا) ببصرها إلى الشاعر الحزين. . . كأنها تريد أن تسأله شيئاً. . . ولكنها وضعت كفها بين كفيه ورفعتهما إلى أعلى. . . وقالت بصوت رخيم:

- إن الوطن لقريب منا. . . يا شاعري. . . إننا نستطيع إدراكه الآن. . . إنه هناك. . على ذرى الهضاب ذات الرفيف. . بالقرب من الغاب التي تأويها الريح ذات الزفيف. . .

فصاح الشاعر:

- نعم في ذرى الهضاب. . . يا فتاتي. . . يا ذات العيون الزرق. . . ولكن الموت لن يجدنا. . . هناك. . . لأننا نختفي بين السحاب الأبيض الجميل. .!

وأنا. .! يا ذات العيون الزرق. . . هل تريدين المجيء معي. .؟

وذعرت الأم وقالت لعجوز كانت إلى جانبها:

- كيف السبيل يا جارتي إلى طرده؟

- ولكننا لا نستطيع. . . إنه شاعر الآلهة، ومن يطرده تنصب عليه اللعنات تتري في الغدوات والعشيات! ثم يجف الضرع ويموت الزرع، وتهلك النفوس. .!

- ربّاه عونك! إن في لسانه السحر. .

- كان عليك طرده. . ولكن. . اسمعي. . تعالي. . سنخرجه وهو راض عنا، تعالي. .

وخرجت العجوزان ثم عادتا تحملان حزماً من الفصفصة الخضراء، وكان الشاعر يكلم (وانا) ويقول:

- (إن الديار يا وانا ضيقة والعالم فسيح، ولن تجدي يا فتاتي مخلوقاً تيمه الحب، يخاف الليل أو الفجر، والشمس أو النجوم، وأشباح الأماسي وأطياف الأسحار، هيا يا فتاتي.)

واقتربت الأم من الشاعر فربتت على كتفه وقالت له:

- هات يدك يا هانرهان. .

وقالت العجوز:

- أنت قوي يا هانرهان. . . ساعدنا على ربط هذه الحزم الخضر. . .

وتقدم الشاعر يربط الحزم بحبل والعجوزان تفكان العقد التي يعقدها ويجران الحبل نحو

<<  <  ج:
ص:  >  >>