للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأخرى مبتذلة؛ وهذه القطع تكاد تؤدي كل سنة في مصر، وأساميها لاكتها الألسنة: مثلاً , , , , , هذه القطع تلحق اليوم، في أوربة، بنوع الأوبرة الشعبية، لأن الألحان فيها لا تعدو، في غالب الأمر، النغم القريب المنال. ودليل هذا أن أكثر القطع التي أديت من تلحين فردي وهذا الملحن الإيطالي (١٨١٣ - ١٩٠١) عمد، إلا في قطعته الأخيرة: إلى اللحن الوجداني تساوقه الآلات في استرخاء. وهذا اللون من التلحين عقبه ما يقال له: الموسيقى الفيرية: وخصائص هذه الموسيقى المأساة المفرطة، والخطابة في الغناء. وهز الأعصاب، والمبالغة في التعبير. ومن أصحاب هذا اللون من الموسيقى ملحن والمذكورتين قبل. هذا وفيما أدته تلك الفرقة قطعة للملحن الفرنسي واسمها وليس ذلك الملحن في المرتبة الأولى ولا الثانية - عند أهل الدارية - لما في صناعته من التكاليف وقرب الإحساس والرخاوة.

فإذا أنت استثنيت هذه القطعة الأخيرة (وقطعة فجنر الآتي ذكرها) تبين لك أن تلك الفرقة عنيت بتأدية قطع إيطالية. ومما لا يخفي على البصير بالموسيقى أن فن الأوبرة إنما بلغ الغاية أو قاربها على يد فجنر الذي حطم القيود اللاتينية، ثم على أيدي فئة من الفرنسيين مثلاً) والروس مثلاً). والفرق الذي بين الأوبرة الإيطالية والأوبرة الفجنرية، على سبيل التمثيل، كالذي بين ديوان ينظمه شاعر رقيق كما يقال اليوم، وشاعر فحل كما كانت العرب تقول.

ومن الغريب أن الفرقة أغفلت أن الفرقة أغفلت الأوبرة الحديثة من ألمانية وفرنسية وروسية وغير ذلك. وقد بدا لها أن تعلن أنها تؤدي قطعتين لفجنر هما: الأولى، وأما الثانية فقد أدتها على شكل كان الإهمال عنده أفضل

بقى أن الفرقة أعلنت أنها تؤدي قطعة طريفة لملحن إيطالي مجهول: فما بلغني هذا حتى أسرعت إلى دار الأوبرة، مهتزاً. فإذا القطعة شر ما مزق أذني من التلحين (الرومنتيكي) المفرط في (الميلودرام)

أن ظن بعضهم أن لا رغبة في الموسيقى الحقة بمصر، وأن الحظ الأعلى فيها لألوان الأوبرة البالية والمبتذلة، فليقصروا ظنهم على أنفسهم أو على الفئة الكبرى من الإفرنج المقيمين بهذا القطر. فإنما في المصريين من يرغب في الموسيقى الجيدة، الطريفة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>