قبل التاريخ. على أن البيت يصح تأويله بما لا يخالف الدين. وقد طعنوا في عقيدة أبي تمام بسبب تركه للصلاة والصوم وقوله في الشاعر والفروض الدينية كلاماً، كما جاء في كتاب مروج الذهب للمسعودي وفي غيره من الكتب. وقد طعنوا أيضاً في نسبته إلى طي، وبعضهم صحح نسبته إلى طي وقال إنه نشأ في فرع مسيحي منها ثم تظاهر باعتناق الإسلام؛ وقد مدح الإسلام في مدحه للخلفاء والوجهاء ووصف المسيحيين بالشرك والكفر وعبادة الأصنام كما قال في مدحه المعتصم ووصف فتحه مدينة (عمورية) وإذا أردنا أن نحصي خلاصة الخلاصة من شعر أبي تمام لم نستطع أن نستغني عن المدح، وإن استطعنا الاستغناء عن المدح عند إحصاء خلاصة الخلاصة من شاعر كالشريف الرضي فإن شعر المدح في صنعة أبي تمام يحبب إلى القارئ قراءة المدح حتى ولو كان ممن لا يميل إليه. انظر إلى قوله:
نَسب كأن عليه من شمس الضحى ... نوراً ومن فلق الصباح عموداً
أو قوله:
خدم العلى فخدمته وهي التي ... لا تَخدم الأقوام ما لم تُخدَم
أو قوله:
ولو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله
أو قوله:
فلو صورتَ نفسك لم تزدها ... على ما فيك من كرم الطباع
أو قوله:
غَرَّبتهُ العلى على كثرة الأه ... ل فأضحى في الأقربين جنيبا
وله قصائد كثيرة فخمة حلوة في المدح مثل قصيدته في محمد ابن عبد الملك الزيات التي يقول في مطلعها:
لهان علينا أن نقول وتفعلا ... ونذكر بعض الفضل منك فنفضلا
أو الأبيات التي يقول فيها:
ليس الحجاب بِمُقْصٍ عنك لي أملا ... إن السماء تُرَجَّي حين تحتجب
وإجادته في المدح إجادة بطول حصرها، وهي ليست في مدح الأحياء فحسب بل هي أيضاً