في مدح الموتى في الرثاء مثل قوله:
هيهات أن يأتي الزمان بمثله ... إن الزمان بمثله لبخيل
أو قوله في رثاء بني حميد:
وانفس تَسع الأرض الفضاء فلا ... يرضون أو يجشموها فوق ما تَسعُ
يود أعداؤهم لو أنهم قُتِلُوا ... وأنهم صنعوا بعض الذي صنعوا
عهدي بهم تستنير الأرض إنْ نزلوا ... بها وتجتمع الدنيا إذا اجتمعوا
أو قوله من رثاء ابني عبد الله بن طاهر: (نجمان شاء الله ألا يطلعا) إلى آخر القصيدة وهي من مأثور قوله وبها بيت يتمثل به كثيراً وهو قوله:
وإذا رأيت من الهلال نموه ... أيقنت أن سيكون بدراً كاملا
وقوله أيضاً في مدح الرثاء:
فالماء ليس عجيباً أَنَّ أعذبه ... يفني ويمتد عمر الآجِنِ الآسِنِ
وأكثر رثائه على هذا النمط: رثاء صنعة فخمة رائعة لا رثاء حرقة ولوعة، ولا رثاء وجدان؛ ومن أجلِّ رثاء الصنعة قصيدته المشهورة التي يقول في مطلعها:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعينٍ لم يَفِضْ ماؤها عذر
ولا ينقص من قدرها أنها من رثاء الصنعة فإن الشعر كالفاكهة أنواع ولكل نوع طعم ولذة. وله مع ذلك قصائد من شعر رثاء العاطفة والوجدان مثل رثائه لأخيه الذي أوله:
إني أظن البلى لو كان يفهمه ... صد البلى عن بقايا وجهه الحسنِ
والقصيدة التي يقول فيها: (بأرّان لي خل مقيم وصاحب) ولكنه أحياناً تغيض العاطفة من رثائه كما قال في رثاء جارية له:
يقولون لا يبكي الفتى لخريدة ... إذا ما أراد اعتاض عَشراً مكانها
وهل يستعيض المرء عن عُشرِ كفه ... ولو صاغ من حُرِّ اللجين بنانها
فالتعليل يدل على الذكاء، ولكن ليس هذا رثاء العاطفة؛ وكان ينبغي أن تكون حجته منزلة الجارية من نفسه لا أن يضعها بمنزلة عشر الكف. ومثل هذا رثاؤه محمد بن حميد إذ يقول إنه رآه في الحلم فسأله: ألم تمت؟ قال: لا. . . كيف يموت من كان كريماً مثلي كرمه خالد. وكان ينبغي أن يجعل المرثي أرفع من أن يقول هذا القول الذي كان يستطيع الشاعر