نفسه أن يقوله فيه بدل أن يضع المرثي موضع المفاخر بكرمه وإنه لو كان حياً لكان حرياً به أن يرى من الكرم ألا يفتخر بالكرم والبيت هو:
ألم تمت يا شقيق الجود من زمن ... فقال لي لم يمت من لم يمت كرُمْه
ومن رثاء العاطفة قوله في رثاء ابنه وكان وحيداً بدليل قوله (بُنَيَّ يا أوحد البنينا) وهذه القصيدة هي التي مطلعها: (قد كان ما فخت أن يكونا) ولكنها ليست شيئاً إذا وضعت بجانب قصيدة ابن الرومي في رثاء ابنه وهي التي مطلعها: (بكاؤكما يشفي وإن كان لا يُجْدي). وإذا قارنا بين غزل أبي تمام وبين أقواله في المودة والإخوان وجدنا شعره في الإخوانيات أكثر عاطفة ووجداناً وأعلى مرتبة في الشعر مثل قوله:
من لي بإنسان إذا أغضبته ... وجهلت كان الحلم رد جوابهِ
وإذا طربت إلى المدام شربتُ مِنْ ... أخلاقه وسكرت من آدابهِ
وتراه يصغي للحديث بقلبه ... وبسمعه ولعله أدرى بِه
أو قوله:
عصابة جاورت آدابهم أدبي ... فهم وإن فُرِّقوا في الأرض جيراني
أرواحنا من مكان واحد وغدت ... أبداننا بشآم أو خراسان
ورب نائي المغاني روحه أبداً ... لصيق روحي ودان ليس بالداني
أو قوله:
جليد على ريب الخطوب وعتبها ... وليس على عتب الإخلاء بالجلد
أو قوله:
وقلت أخٌ قالوا أخ من قرابة ... فقلت لهم إن الشكول أقارب
نسيِبيَ في عزمي ورأيي ومذهبي ... وإن باعدتنا في الأصول المناسب
أو قوله:
خليليّ ما ارْتَعْتُ طرفي ببهجة ... ولا انبسطتْ مني إلى لذةٍ يد
ولا استحدثت نفسي خليلاً مُجَدَّداً ... فيذهلني عنه الخليل المجدد
أو قصيدته في علي بن الجهم التي يقول فيها إن ودهما (عذب تحَدّر من غمام واحد) أو قوله: