للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتكَشُّفُ الإخوان إن كشَّفْتَهُمْ ... ينسيك طول تصرف الأيام

أما غزله فكثير منه من قبيل التغزل بالغلمان وأكثره غزل حواس وليس به عاطفة عميقة أو وجدان. وأكثره مقطوعات صغيرة في أغراض أكثرها بنت ساعتها ولعلها من عفو القريحة. هكذا أكثر غزله ولو أن به ذكر الدموع التي تحولت إلى دماء (إفْنِ صبري واجعل الدمع دما)، وذكر آلام الحب وحرقاته ولكنه ذكر لا يدل على شعور عميق كما يدل غزل العذريين، ولا على وجدان كوجدان العباس بن الأحنف أو كوجدان الشريف الرضي. وله في أول قصائد المدح بعض الغزل الرقيق، وهو مولع بذكر محاسن أعضاء الجسم كالعيون والخدود. . . الخ.

انظر قوله:

صبَّ الشبابُ عليها وهو مُقتَبلٌ ... ماءً من الحسن ما في صفوه كدر

لولا العيون وتفاح الخدود إذاً ... ما كان يحسد أعمى من له بَصرُ

وكثير من غزله يشبه غزل أبي نواس، ولعل هذا هو سبب ورود قصائد في الغزل في ديوانه وفي ديوان أبي نواس مثل التي أولها (قال الوشاة بدا في الخد الخ) والتي أولها (أفنيت فيك معاني الشكوى) والتي أولها (وفاتن الألحاظ والخد). ومما هو شبيه بالغزل في قصائد المديح مما يستحسن الأبيات التي يقول فيها:

أدار البؤس حسَّنكِ التصابي ... إليَّ فصرت جنات النعيم

والتي يقول فيها:

يا موسم اللذات غالتك النوى ... بعدي فربعك للصبابة موسم

والتي يقول فيها:

أصبحت روضة الشباب هشيما ... وغدت ريحه البليل سموما

ولتي يقول فيها:

ثم انقضت تلك السنون وأهلها ... فكأنها وكأنهم أحلام

وله في الغزل والوصف:

باشر الماء وهو في رقة الصن ... عة كالماء غير أنْ ليس يجري

خدش الماء جلدَهُ الرطب حتى ... خلته لابساً غلالة خمر

<<  <  ج:
ص:  >  >>