الجامعة وتخصّص في التصوير، ثم انصرف إلى الشعر. وكان في العشرين حين نشر في (مجلة جامعة دبلن) أولى قصائده وهي (جزيرة التماثيل)
ويايتس نفسه يصف انصرافه إلى الشعر بأنه أكثر من استجابة لدافع من الطموح الشخصّي (فما كان موضوع أحلامه يومئذ) كما يقول النقّادة فورست (بأقلّ من خلق أدب لأيرلندة كامل. ففي تلك الأحلام تستقُّر بذور (الحركة الأيرلندية) الحديثة؛ ومع أن فكرة إنشاء مسرح قوميّ كانت لا تزال بعيدة، فإنها هي أيضاً لم تك إلا تطوّراً لطموح غلام لا يتجاوز العشرين)
كيف استطاع ذلك الفتى الصوفي الحالم، الذي كان فيما روت أديبة ناقدة في كتاب لها عنه عنوانه:(ذكريات خمس سنين) يظلّ ساعات من النهار يقرأ الشعر، ويترنم به في زاوية من الدار وهو في شبه غيبوبة، ولا يتذكر الجوع أبداً إن لم يذكّر به؛ أو ينهضُ في الهزيع الأخير من الليل ليقضي ما تبقى منه في الغناء والإنشاء، والذي كانت الراوية المذكورة تسلمه الرسالة ليُلقيها، وهو المطيع أبداً في صندوق البريد، فيتناول الرسالة ويضعها في سلة عظيمة، ويحمل السلة إلى دار البريد، والرسالة المسكينة تعلو وتنخفض، وتقوم وتقعد هنالك! والذي اتفق له مرّة أن كان واقفاً وهي إلى جانبه على الرصيف في الليل، ينتظران عربة، والمطر ينهمر مدراراً، والطريق موحل، والماء إلى الركب، فتذكر قصيدة شلي الطويلة:(النَّبتة الحساسة). فاندفع يصب الشعر في أذنيها وقد مالت المظلة التي كانت بيده بحيث لا تقي أيَّاً منهما! والذي شاهده أحد أصدقائه الشعرّاء مرة يرسم صورة لغابة أمامه، في وهج الظهيرة، والشمس تذيب الصخور؛ فلما دنا من الصورة، وجد المشهد هو مشهد الغابة ولكن الألوان. . . هي أشعة القمر!
أقول كيف استطاع هذا الشاعر الصوفي الحالم الذي ما سقنا الأمثلة السابقة من حياة صباه إلاّ لنبّين أنه ذاتيٌّ منطو على نفسه، أن يتزعم الجمعيات الكبرى، ويترأس حركة قومية وأدبية فنية تعدُّ (من أشهر أحداث زماننا هذا؟ لست أدري؛ فذلك سر من أسرار العبقرية والوراثة
ولكن الذي أدريه أن حياته كانت سلسلة باهرة من الفتوح (يتضح مَداها) كما يقول المستر روبرت لند، (لكلّ من يقارن بين مركز الأدب الأيرلندي في اللسان الإنجليزي قبل أن يبدأ